نظرية التحديد الذاتي (Self-determination theory)، هي نظرية تشرح الدافعية والاتجاهات الشخصية، وهي تهتم بوصف نمو التوجهات الطبيعية والحاجات النفسية لدى الأفراد. وهذه النظرية تصف تحديداً الأسباب وراء اختيارات الافراد ودوافعهم لأداء النشاط من دون أي تدخلات خارجية أو مقاطعة لرغبتهم الداخلية. نظرية التحديد الذاتي تهتم بوصف سلوك الأفراد من خلال قياس مدى ارتباط أداء السلوك بالتحفيز الداخلي واختيارهم الذاتي لأداءه.
بدأت بوادر هذه النظرية في الثمانينات حيث كانت هناك مقارنات بين الدافع الداخلي والدافع الخارجي ومن خلال الفهم المتراكم لهذه المقارنات وللدور الذي يلعبه الدافع الداخلي بدأت تتشكل نظرية التحديد الذاتي في التسعينات وتحديداً في 1985م على يد الباحثان إدوارد ديسي وريتشاد راين Edward Deci و Richard Ryan ومن ثم بدأت تطبيقات هذه النظرية تظهر جلياً من عام 2000 م.
ضمن أحد أهم مبادئ هذه النظرية هي النظرة المعاكسة لدور الحافز الخارجي (مثل استخدام المال أو الجائزة، أو التخويف بالعقاب أو الطرد من المؤسسة) في التحفيز السليم والمستمر، وكذلك في تقديم حياة صحية ونفسية منسجمة مع النفس. حيث يتم وصف أعلى مستوى للدافعية (الدافعية الداخلية) بأنه المبادرة إلى أداء العمل حباً فيه ولكونه شيقاً ومرضي في حد ذاته، وهذا على العكس من (الدافع الخارجي) والذي يعكس مفهوم أداء العمل من أجل نيل مكسب مادي أو خوفاً من نتائج سلبية.
كان من أبرز ما جاء في دراسة الباحثان Edward Deci و Richard Ryan هو شرح الفروق المتمثلة في الدافع الداخلي والدافع الخارجي ضمن سلسلة تبدأ من أقل مستوى من الدافعية وتسمى «دافع اللا ارتباطي» (Amotivation) وتنتهي إلى أعلى مستوى من الدافعية وتسمى «الدافع الداخلي» (Intrinsic motivation)، وكان من نتائج تلك البحوث افتراض الحاجات الفطرية أو النفسية الداعمة للدافع الداخلي لدى الفرد وهي ثلاث حاجات: