الشيخ مبارك بن صباح بن جابر الصباح (1844 - 28 نوفمبر 1915)؛ حاكم الكويت السابع والمؤسس الحقيقي لها. تولى الحكم يوم 25 ذي القعدة 1313هـ/7 مايو 1896م وقيل 8 مايو حتى وفاته سنة 1915. وفي عهده اتسعت الكويت، وزاد العمران، وصار لها اسم كبير في الخليج، واستتب الأمن في بادية الكويت، وزادت الثروة، وتقدمت التجارة، وأخذت البواخر تمرُّ بالكويت في ذهابها للبصرة ورجوعها منها، وبلغ الغواصون على اللؤلؤ الحد النهائي في الاتساع بالسفن والمحصول، وكان في السنوات العشر الأولى من حكمه جاريًا على سيرة أسلافه من التواضع وعدم الظلم، حتى أخضع آل الصباح بحكمه الصارم، فلم يستطع أحد منهم التجاوز على أحد من الرعية، بل كان خيرا من أسلافه في صرامة الحُكم والدفاع عن أهل الكويت، ولكن مع الأسف لما صحب حاكم المحمرة خزعل بن مرداو وتبدلت حالته وقلّدَهُ في كثير من المظالم. ومع ذلك فهو لم يجدد سور الكويت القديم ولم يبن سورًا جديدًا، وعندما ساله «ماليري» الطبيب في المستشفى الأمريكي عن ذلك قال: «أنا السور». وقد كان صديقًا حميمًا لكل شيوخ القبائل الموجودين على طريقي الجزيرة العربية والعراق، ويمدهم بالسلاح والذخيرة إلى مسافة 500 كم. وقد ازدهرت الكويت في عهده تجاريًا حتى بلغت سفن الغوص 800 سفينة، وشيدت في عهده أولى المدارس النظامية، وأولى المستشفيات الطبية.
وصل إلى الحكم في ظروف صعبة ووسط صراعات سياسية وعسكرية بدأت بمصرع أخويه محمد و جراح على يديه، حيث كان عليه في السنوات الأولى من حكمه أن يواجه الكثير من محاولات الهجوم على الكويت لإنهاء حكمه بالقوة. وقد عارض يوسف الإبراهيم حكمه، وحاول إرجاع حكم الكويت إلى أبناء محمد بن صباح الصباح وجراح بن صباح الصباح، وكان ذلك سبباً في تدخل القوى الأجنبية في الكويت وإعادة رسم خارطتها السياسية، حيث تحالف مع بعض المسؤوليين العثمانيين ومع آل رشيد لتقويض حكم مبارك، وحاول استعداء «حمدي باشا» والي البصرة على مبارك، ولوح للسلطنة بأن مبارك موالٍ للإنجليز، وأنه -أي يوسف- سيعمل على إعادة نفوذها إلى الكويت، واتصل بالقنصل البريطاني في البصرة والمقيم البريطاني في بوشهر، ووعدهم بطلب الحماية من لندن إذا تدخلت لإنهاء حكم مبارك. وفوق ذلك فقد لجأ إلى استخدام سلاح القوة، حيث نظم أكثر من محاولة لغزو الكويت عسكريًا. ولم تتوقف جهوده تلك إلا بوفاته في 12 مارس 1906م. لذا فالسنوات الثلاث الأولى من حكم مبارك الصباح كانت أصعب سني حكمه الذي شارف العشرين عامًا. فقد كان موقفه حرجًا وخطيرًا نتيجة خوفه من انتقام بقية أفراد عائلته، ولافتقاره إلى العون الخارجي.