اكتشاف قوة معركة الصريف

وقعت معركة الصريف يوم الأحد 26 ذو القعدة 1318 هـ/17 مارس 1901 بين إمارة الكويت وإمارة آل رشيد، ويقع ميدان المعركة في منطقة الصريف بمحافظة الأسياح حاليًا، وتبعد 15 ميلاً شمال شرق بريدة، وعن حائل 160 ميلاً، وتبعد عن الكويت مسيرة عشرة أيام للرواحل، وتحيطها تلال من الحجر الصلد الأسود، وهي أرض منبسطة مثل راحة اليد أو كأنها ملعب كرة قدم مساحتها حوالي 10 أميال مربعة. انتهت المعركة بانتصار جبل شمر بقيادة عبد العزيز بن متعب بن عبد الله الرشيد. وقد جاءت المعركة بعد ثلاثة عقود من السلم في الجزيرة العربية، فعندما تولي الشيخ مبارك الصباح حكم الكويت توترت علاقته مع محمد العبد الله الرشيد حاكم إمارة حايل الذي طمع في السيطرة على الكويت لتكون منفذه البحري بسبب موقعها الإستراتيجي، وظهرت أهمية الكويت عندما أغلق الشيخ مبارك ميناءها في وجه ابن رشيد؛ مما جعل إمداده بالسلاح والعتاد والذخائر يأتي من الدولة العثمانية الذي يحتاج إلى وقت طويل حتى يصل إليه، وعندما استلم عبدالعزيز بن متعب الرشيد الحكم، بدأ يتطلع إلى توسيع نفوذه على الكويت وميناءها وكسر عزلة حائل الجغرافية. ولعل أحد أهم أسباب معركة الصريف هو لجوء الشيخ يوسف الإبراهيم أبرز معارضي الشيخ مبارك إلى حائل ودخوله في حماية ابن رشيد في شهر صفر 1318هـ/يونيو 1900م، فأرسل الشيخ مبارك إلى الأمير ابن رشيد يطلب منه عقد الصلح، وإبعاد يوسف عن حائل مقابل عدم عودة الجلوية الذين عنده (ابن سعود والسليم والمهنا) إلى الكويت. فرفض ابن رشيد ذلك العرض متهمًا إياه بأنه أمد الجلوية بالمال والسلاح. وفي 20 سبتمبر 1900م جرى تحالف بين الشيخ مبارك والأمير عبد الرحمن بن سعود وشيخ المنتفق سعدون بن منصور السعدون لضرب ابن رشيد.

ثم بدأت التحرشات في أكتوبر 1900م عندما هاجم الشيخ سعدون قافلة الحدرة لابن رشيد قادمة من السماوة، فرد ابن رشيد على ذلك بمناورة عسكرية هدفها ضرب خصومه كلا على حدة، وبعد أن وردت إليه أسلحة كثيرة من الحكومة شدت من عزمه، فتظاهر بالهجوم على الكويت بجيش جرار، فأخذ مبارك يحشد جيشه في الجهرة استعدادًا لملاقاته. ولكنه باغت السعدون وحلفائه من قبيلة الظفير غربي سوق الشيوخ، فانهزموا شر هزيمة، واستولى على مابين 10,000-12,000 من الجمال، فطلب سعدون النجدة من مبارك، فأرسل مبارك جيشًا قاده أخوه حمود وابنه سالم نحو السماوة عن طريق جريشان، وتمكن حمود وسالم من الوصول إلى جيش ابن رشيد، إلا إنهما بعد أن شاهدا نيران الجيش ليلا قررا انه لا قدرة لهما على كسره والتغلب عليه فغيرا مسيرهما جنوبًا الى قبائل شمر التي كانت على آبار (الرخيمية) في المنطقة المحايدة (سابقا) بين نجد والعراق، حيث أغار عليهم وأخذ الكثير من أموالهم وحلالهم.

وفي منتصف دبسمبر 1900م هاجم عبد العزيز بن رشيد قبيلة مطير في الدهناء والصمان، وحقق هذا الهجوم المباغت نجاحًا كاملا بالرغم من محاولات الشيخ حمود الصباح التصدي لشمر، وبعدها شن الشيخ مبارك حملة مضادة على غريمه. وحسب مراسل «تايمز أوف إينديا» في بوشهر كانت قوات ابن رشيد تفوق القوات الكويتية عددًا، ولكن مقاتلي مبارك كانوا أفضل تسليحًا. فعدد قوات مبارك حوالي 10,000 مقاتل جميعهم يمتطون الخيل ولكل مقاتل بندقية، في حين أن جيش ابن رشيد هو ضعف عدد جيش مبارك، ولكنه مسلح تسليحًا سيئًا وسلاحه غبر حديث. وفي يوم 23 ديسمبر 1900م وقعت معركة دامية استمرت طوال الليل. وكانت قوات ابن رشيد تهاجم متقدمة وهي واثقة من تفوقها العددي، إلا أن قوات مبارك كانت تصدها في كل مرة، وما أن بدأ شروق شمس اليوم التالي حتى انسحب جيش ابن رشيد في فوضى عارمة تاركًا وراءه غنائم وأسلابًا كثيرة من خيل وإبل لتقع في يد المنتصرين من جيش مبارك، وتراجع ابن رشيد إلى رجم الهيازع ومن هناك استنفر نجد كلها.

كانت تلك الوقعة من أعظم وقائع العرب الحديثة، ودارت فيها الدوائر على ابن صباح وحلفائه. وخسر الشيخ مبارك أخوه حمود وعددًا كبيرًا من رجاله، وشيئا كثيرًا من عتاد الحرب، فعاد ومن تبقى من الجيش منهزمين إلى الكويت. أم المنتصر «عبد العزيز المتعب» فقد كان قاسيًا عاتيًا، فقد أمر بقتل جميع الأسرى، ثم زحف إلى البلدان النجدية التي سلمت إلى شيخ الكويت فنكل برؤسائها ونزع السلاح من أهلها وفرض عليهم الضرائب الفادحة.



قراءة المقال الكامل على ويكيبيديا ←