ماذا تعرف عن جعفر المتوكل على الله

أمير المُؤمِنين وخليفةُ المُسْلِمين أبُو الفَضْل جَعْفَر المُتَوَكِّل على الله بن مُحمَّد المُعْتَصِم بن هارون الرَّشيد بن مُحمَّد المَهديّ بن عبد الله المَنْصُور بن مُحمَّد بن عليّ القُرَشيُّ الهاشِميُّ العبَّاسيُّ (شَوَّال 206 – 4 شَوَّال 247هـ / مارس 822 – 11 ديسمبر 861م)، المعروف اختصارًا باسم المُتَوكِّل عَلى الله أو المُتَوكِّل. هو عاشر خُلَفاء بني العَبَّاس، والخليفةُ التاسع والعُشرون في ترتيب الخُلفاء عن النبي مُحمَّد. بُويع بالخلافة يوم الأربعاء 26 ذي الحجة 232هـ / 10 أغسطس 847م عقب وفاة أخيه الواثِق بالله الذي لم يعهد لأحد، واستمر خليفةً للمسلمين نحو خمسة عشر عامًا حتى مقتله غيلةً على يد الأتراك.

وُلد جعفر بن المعتصم في فمّ الصُّلح قرب واسِط في خلافة عمه المأمُون. لم يكن لهُ شأنٌ يُذكر قبل الخلافة، بل عانى من التضييق والإهمال في عهد أخيه الواثق بالله، بتحريضٍ من الوزير ابن الزيَّات الذي يبغضه ويُقلل من شأنه، ولم يجد المتوكل سندًا له في تلك الفترة سوى من القاضي أحمد بن أبي دُؤاد الذي أحسن إليه ودافع عنه أحيانًا.

تولى المُتوكِّل الخلافة بغير وصيةٍ من أخيه، إذ اجتمع كبار رجال الدولة من القضاة والوزراء والقادة الأتراك النافذين مثل إيتاخ الخَزَري ووَصِيف التُّركي في سامراء لاختيار الخليفة الجديد. وبعد نقاش وتردد، واستبعاد محمد بن الواثق لصغر سنه، وقع اختيارهم على جعفر بن المعتصم بمبادرة من القاضي ابن أبي دُؤاد ودعمٍ من الأتراك، فبُويع بالخلافة ولُقِّب بالمُتوكِّل على الله.

استهل المُتوكِّل عهده بتصفية رجال العهد السابق الذين أساؤوا إليه، فأمر بالقبض على الوزير القوي ابن الزَّيَّات وعذبه حتى الموت وصادر أمواله، وكذلك فعل بعمر بن فرج الرُخَّجي وغيرهم. وفي خطوة تاريخية حاسمة، أعلن المُتوكِّل سنة 234هـ / 848م إنهاء محنة خلق القرآن التي فرضها أسلافه الثلاثة، ومنع الجدال في مسألة خلق القرآن، وأطلق سراح الإمام أحمد بن حنبل وأكرمه، ثم أبعد المُعْتَزِلة عن مناصب الدولة وقرّب أهل السُنَّة والحديث، حتى لُقِّب بمُحيي السُنَّة.

اتخذ المُتوكِّل سياسات متشددة أثارت الجدل، فأظهر بُغضًا شديدًا للخليفة علي بن أبي طالب وآل البيت، واضطهد شيعتهم، وأمر بهدم قبر الحُسين بن علي في كربلاء سنة 236هـ ومنع زيارته. وفرض على أهل الذِمَّة من النصارى واليهود إجراءات تمييزية صارمة شملت اللباس وركوب الدواب وهدم الكنائس المُحدثة ومنعهم من العمل في دواوين الدولة. واجه عهده بعض الاضطرابات والثورات في الأقاليم كثورة محمد بن البعيث في أذرُبيْجان وثورة البطارقة في أرمينية، وغارات البجاة على صعيد مصر، وتمكنت جيوشه من إخمادها.

وقع المُتوكِّل في خطأ سياسي جسيم حين قسّم ولاية العهد بين أبنائه الثلاثة: المُنْتَصِر ثم المُعْتَز ثم المُؤيَّد سنة 235هـ، مما خلق بينهم تنافسًا وصراعًا مبكرًا. زاد الأمر سوءًا حين أظهر ميله للمُعتز على حساب المُنْتَصِر، فأهان الأخير علانيةً، مما أثار حقد الأخير واندفع للتحالف مع القادة الأتراك. حاول المُتوكِّل في أواخر عهده تقليص نفوذ القادة الأتراك المتزايد، فصادر أملاك وصيف التركي، مما دفع الأتراك للشعور بالخطر وتدبير مؤامرة للتخلص منه.

انتهت خلافة المُتوكِّل نهاية مأساوية، إذ اتفق الأتراك بقيادة بغا الشرابي عليه في إحدى الليالي، واقتحموا عليه مجلسه ليلًا في قصره بالجعفرية في المُتوكِّليَّة قرب سامراء، وقتلوه مع وزيره المقرب الفتح بن خاقان في 4 شوال 247هـ / 11 ديسمبر 861م. يُعتبر مقتل المُتوكِّل بهذه الطريقة على يد جنده الأتراك بداية فترة الفوضى والاضطراب في سامرَّاء، ونهاية فعلية للعصر الذَّهبيُّ العبَّاسي، وبداية عهد هيمنة القادة العسكريين الأتراك على مقاليد الأمور في الدَّولة العبَّاسية حتى تمكَّن الموفق بالله ابن المُتوكِّل، من وضع حدًا لنفوذهم وجدَّد قُوَّة الدَّولة في خلافة أخيه أحمد المعتمد على الله (حكم 256 – 279هـ / 870 – 892م). يُعد المُتوكِّل الجد الثاني الذي استمرت الخلافة في عقبه حتى نهاية الدَّولة المملوكيَّة في سنة 923هـ / 1517م.

قراءة المقال الكامل على ويكيبيديا ←