يُستخدم مصطلح «ترافستي» في أمريكا اللاتينية للإشارة إلى الأشخاص الذين يولدوا بهوية جنسية ذكرية لكنهم يطوّرون هوية جندرية أنثوية. وقد ظهرت تسميات بديلة في بعض بلدان أمريكا الجنوبية بهدف تمييز هذه الهوية عن مفاهيم مثل ارتداء الملابس المغايرة للجنس (شهوة الملابس المغايرة)، أو عروض الدراغ، أو أي توصيفات طبية تُضفي طابعًا مرضيًا أو اختزاليًا. استخدم المصطلح نفسه في إسبانيا خلال فترة حكم فرانكو بالمعنى ذاته، لكنه تراجع تدريجيًا مع بروز النموذج الطبي للهويات الترانسجندرية في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، حيث سعت المؤسسات الطبية والاجتماعية إلى إزالة الصور النمطية السلبية المرتبطة به. أما في أمريكا اللاتينية، فقد وصلت تلك المفاهيم متأخرة مقارنةً بأوروبا، وهو ما ساهم في استمرار مصطلح «ترافستي» كتصنيف شائع له دلالاته الخاصة.
ورغم أن الكلمة كانت تحمل في الأصل بعدًا تحقيريًا، فإن ناشطات وناشطين من بيرو والبرازيل والأرجنتين أعادوا تبنّي المصطلح وتوظيفه كهوية سياسية ولا ثنائية، تعبّر عن واقع اجتماعي هشّ قائم على التهميش. وتعكس هذه الهوية ارتباطًا وثيقًا بالعمل الجنسي، والإقصاء من الحقوق الأساسية، والسعي لانتزاع الاعتراف، حيث بات «ترافستي» يمثل تجربة جندرية فريدة تتجاوز الانقسامات التقليدية بين الذكورة والأنوثة، وتحمل في طيّاتها بُعدًا نضاليًا ضد التمييز والعنف البنيوي.
لا تقتصر هوية الترافستي على ارتداء ملابس لا تتماشى مع الجنس المحدد عند الولادة، بل تشمل أيضًا اعتماد أسماء وأنماط ضمائر أنثوية، والخضوع لممارسات تجميلية متعددة مثل العلاج الهرموني، وحقن الحشو التجميلية (الفيلر)، والجراحات التجميلية بهدف تشكيل ملامح جسدية أنثوية ويحدث ذلك غالبًا دون تعديل الأعضاء التناسلية أو اعتبار أنفسهنّ نساءً بالمطلق. ورغم هذا التمايز الجندري، لا تندرج الترافستي ضمن الهويات الترانسجندرية النمطية، بل تشكّل تجربة خاصة ذات بناء اجتماعي وسياسي فريد.
تُعد الترافستي واحدة من الفئات الاجتماعية الأكثر هشاشة في أمريكا اللاتينية، وقد عانت تاريخيًا من التهميش والتجريم البنيوي، وتعرضت لأشكال متعددة من العنف الهيكلي، بدءًا بالتمييز والمضايقة، مرورًا بالاعتقال التعسفي والتعذيب، ووصولًا إلى القتل. وبفعل هذا الواقع القاسي، لجأت الغالبية العظمى من الترافستي إلى العمل الجنسي كمصدر الدخل الوحيد، وهو ما أسهم بدوره في تشكيل هوية اجتماعية تتمحور حول هذا النمط من البقاء.
لا تعتبر هوية الترافستي موحّدة أو أحادية، بل تتسم بتنوعها الشديد وتعدّد أبعادها، ما يجعل من الصعب اختزالها ضمن تعريف واحد أو تفسير عام. وقد اهتمّت العديد من العلوم المعرفية بدراستها، وعلى رأسها علم الأنثروبولوجيا الذي وثّق هذه الظاهرة في كتابات كلاسيكية ومعاصرة على حدّ سواء. وتشير أبرز المقاربات البحثية إلى ثلاث فرضيات رئيسية لفهم هوية الترافستي: الأولى تعتبرها «جنسًا ثالثًا» على غرار الهِجرَا في الهند والموشي في المكسيك؛ والثانية ترى أنها تعزز الثنائية الجندرية السائدة في مجتمعاتها؛ بينما تقترح الثالثة أنها تقوّض فكرة الجندر من أساسها وتعيد تشكيلها. ورغم انتشار مصطلح «ترافستي» في الخطاب العام اللاتيني، يظل تعريفه محط جدل واسع، وقد يُستخدم أحيانًا كمصطلح مسيء أو ترانسفوب (رهاب المتحولين جنسيًا) حسب السياق. توجد تسميات محلية مشابهة في عدد من بلدان أمريكا اللاتينية، تعبّر عن هويات مماثلة، مثل: «ڤستيداس»، «ماركون»، «كوشون»، «خوتو»، «ماريكا»، «پاخارا»، «ترافيكا»، و«لوكا».
ومن أبرز الناشطات الترافستي في مجال الدفاع عن الحقوق الجندرية والكرامة الإنسانية: الأرجنتينيات لوهانا بيركينز، كلوديا پيا بودراكّو، ديانا ساكايا، مارلين وايار، وسوسي شوك؛ إلى جانب إريكا هيلتون من البرازيل، وإيرين روتيلا من الباراغواي.