أبعاد خفية في تتار القرم

التتار القِرميّون أو تتار القرم (بالقرمية: qırımtatarlar / къырымтатарлар) أو ببساطة "القرميّون" (qırımlılar / ъырымлылар)، هي مجموعة عرقية وشعب تركي من أوروبا الشرقية، وهم السكان الأصليون لشبه جزيرة القرم. تشكّلت هويتهم العرقية على مدى آلاف السنين في القرم والمناطق الشمالية المحاذية للساحل الأسود، من خلال تفاعل بين شعوب البحر الأبيض المتوسط وشعوب سهوب أوراسيا. وقد كشفت دراسات جينية شاملة عن وجود روابط بين التتار القرميين وبين شعوب السهوب خلال العصر البرونزي، وتحديدًا تلك المرتبطة بثقافة يامنايا الأثرية.

شكّل التتار القِرميّون حتى أوائل القرن العشرين أكبر مجموعة سكانية في شبه جزيرة القرم، وكانوا يشكّلون الأغلبية السكانية في عموم المنطقة. غير أن الوضع تغيّر بعد ضمّ الإمبراطورية الروسية لخانية القرم عام 1783، حيث تعرض التتار القِرميّون لسلسلة من محاولات التهجير المنهجي من منطقتهم، شملت العنف الجسدي والمضايقات والتهجير القسري، إضافة إلى أشكال قانونية من التمييز. وبحلول عام 1800، كان ما بين 100 ألف و300 ألف من التتار القرميين قد غادروا القرم.

ورغم أن الثقافة التتارية القرمية لم تُمحَ تمامًا خلال عهد أسرة رومانوف، إلا أن وجودهم السكاني في شبه الجزيرة تلاشى تقريبًا خلال العهد السوفييتي خاصة في عهد ستالين. ففي مايو 1944، وبعد وقتٍ قصير من استعادة القوات السوفييتية للقرم من الاحتلال الألماني في الحرب العالمية الثانية، أمرت لجنة الدفاع الحكومية السوفييتية بترحيل جميع التتار القِرميّين، بما في ذلك عائلات الجنود التتار الذين كانوا يخدمون في الجيش الأحمر. وقد تمّ نقلهم في قطارات وشاحنات مخصصة للماشية إلى آسيا الوسطى، حيث أُعيد توطينهم بالأساس في أوزبكستان. وتشير التقديرات إلى أن ما بين 18% و46% من إجمالي السكان التتار القِرميين قضوا نحبهم نتيجة لهذه الترحيلات.

منذ عام 1967، سُمِح لعدد محدود فقط من المُهجّرين بالعودة إلى موطنهم، رغم أن عملية "إزالة الستالينية" قادت الحكومة السوفييتية إلى الاعتراف بهذه الترحيلات بوصفها تطهيرًا عرقيًا وإبادة ثقافية. وفي عام 1989، تبنّى مجلس السوفييت الأعلى سياسة جديدة منحت التتار القِرميّين الحق الكامل في العودة، مما أدى إلى ارتفاع تدريجي في عدد العائدين إلى القرم.

ومنذ تفكك الاتحاد السوفييتي عام 1991، أصبح التتار القِرميّون أعضاء في منظمة "الأمم والشعوب غير الممثلة". ولا تُعارض الاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية المعنية بالشعوب الأصلية تصنيفهم كـ"شعب أصلي"، وقد اعترفت بهم الحكومة الأوكرانية رسميًا كشعب أصلي لأوكرانيا منذ عام 2014. ومع ذلك، فإن الإدارة الروسية في القرم المحتلة لا تزال تعتبرهم "أقلية قومية" بدلًا من الاعتراف بهم كشعب أصلي، وتنكر أنهم الأمة التأسيسية للقرم، على الرغم من أن الإدارة السوفييتية نفسها كانت قد اعتبرتهم كذلك قبل ترحيلهم.

أما اليوم، فيُمثل التتار القِرميّون ما يقرب من 15% من سكان شبه جزيرة القرم. وتوجد جاليات كبيرة من التتار القِرميين في المهجر، لا سيما في تركيا ورومانيا وبلغاريا، إلى جانب بلدان أخرى.

قراءة المقال الكامل على ويكيبيديا ←