حقائق ورؤى حول بلاد الرافدين ما قبل التاريخ

بلاد الرافدين ما قبل تاريخ هي الفترة الممتدة ما بين العصر الحجري القديم وظهور الكتابة في منطقة الهلال الخصيب حول نهري دجلة والفرات، بالإضافة إلى المناطق المحيطة بها مثل سفوح زاغروس وجنوب شرق الأناضول وشمال غرب سوريا.

بشكل عام إن توثيق تاريخ بلاد الرافدين في العصر الحجري القديم ضعيف، مع تفاقم الوضع في جنوب بلاد الرافدين لفترات ما قبل الألفية الرابعة قبل الميلاد. وقد أدت الظروف الجيولوجية إلى دفن معظم البقايا تحت طبقة سميكة من الطمي أو غمرها تحت مياه الخليج العربي.

شهد العصر الحجري القديم الأوسط ظهور مجموعة من الصيادين وجامعي الثمار الذين عاشوا في كهوف زاغروس، وموسميًا في العديد من المواقع المفتوحة. وكانوا منتجين لصناعة حجرية من نوع الحضارة الموستيرية، وتشير بقاياهم الجنائزية الموجودة في كهف شاندر إلى وجود التضامن وممارسة التداوي بين أفراد المجموعة.

خلال العصر الحجري القديم العلوي ربما سكن الإنسان الحديث زاغروس. ويحتوي كهف شاندر فقط على أدوات مصنوعة من العظام أو قرون الأيل، وهي نموذجية لحضارة أورينياسية محلية أطلق عليها اسم «البارادوستية» من قبل المتخصصين.

في الفترة المتأخرة من العصر الحجري القديم الانتقالي، والتي تميزت بالثقافة الزرزية (نحو 3000-4000) (1)* قبل الميلاد)، ظهرت أولى القرى المؤقتة ذات الهياكل الدائرية الدائمة. ويشير ظهور الأجسام الثابتة مثل الحجر الرملي أو أحجار الرحى الجرانيتية والمدقات البازلتية الأسطوانية إلى بداية الاستقرار الحضري.

بين الألفية الحادية عشرة والعاشرة قبل الميلاد عُرفت القرى الأولى للصيادين وجامعي الثمار المستقرة في شمال العراق. ويبدو أن المنازل قد بنيت حول «المواقد»، وهو نوع من «الممتلكات» العائلية. كما عُثر على جماجم الموتى محفوظة ونشاط فني متعلق بالطيور الجارحة.

نحو 2350 حتى 2900 قبل الميلاد توسعت القرى في وديان زاغروس والبليخ (بلاد الرافدين العليا). وكان الاقتصاد مختلطًا (الصيد وبدايات الزراعة). وأصبحت المنازل مستطيلة وجرى تسجيل استخدام حجر السبج، ما يشهد على الاتصالات مع الأناضول حيث كانت هناك رواسب عديدة.

وشهدت الألفيتان السابعة والسادسة قبل الميلاد تطور ما يسمى بالثقافات «الخزفية» المعروفة باسم «الحسونة» و«سامراء» و«حلف». وقد تميزت هذه الثقافات بالإدخال النهائي للزراعة وتربية الحيوانات. وأصبحت المنازل أكثر تعقيدًا، حيث جرى بناء مساكن جماعية كبيرة حول مخزن حبوب جماعي. كما كان إدخال الري ميزة أخرى. في حين تظهر ثقافة سامراء علامات عدم المساواة الاجتماعية، يبدو أن ثقافة حلف تتكون من مجتمعات صغيرة ومتباينة ذات تسلسل هرمي واضح أو معدوم.

وفي الوقت نفسه تطورت ثقافة العُبيد في جنوب بلاد الرافدين في نهاية الألفية السابعة قبل الميلاد. ويعد تل العويلي أقدم موقع معروف لهذه الثقافة. وكانت هندستهم المعمارية متقنة وكانوا يمارسون الري، وهو أمر ضروري في منطقة حيث كانت الزراعة مستحيلة دون الري. وفي أعظم توسع لها انتشرت ثقافة العُبيد سلميًا، ربما من خلال ثقافة حلف، عبر شمال بلاد الرافدين إلى جنوب شرق الأناضول وشمال شرق سوريا.

توسعت القرى، التي لم تكن هرمية جدًا على ما يبدو، إلى مدن، وأصبح المجتمع أكثر تعقيدًا، وظهرت نخبة ثابتة مهيمنة بشكل متزايد في نهاية الألفية الرابعة قبل الميلاد. وقد شهدت المراكز الأكثر تأثيرًا في بلاد الرافدين (الوركاء «أوروك» وتيبي غاورا) الظهور التدريجي للكتابة والدولة. وتقليديًا يمثل هذا نهاية عصور ما قبل التاريخ.

قراءة المقال الكامل على ويكيبيديا ←