وراثية التوحّد هي النسبة من الاختلافات في التعبير عن التوحّد التي يمكن تفسيرها بالتنوّع الجيني. للتوحّد أساس وراثي قوي. وعلى الرغم من أن الجينات المرتبطة بالتوحّد معقّدة، إلا أنّ الاضطراب يُفسَّر بشكل أكبر من خلال تأثيرات متعددة الجينات بدلاً من الطفرات النادرة ذات التأثير الكبير.
قد يتأثّر التوحّد بالعوامل الوراثية، إذ تُظهر الدراسات بشكل متكرّر انتشارًا أعلى بين الأشقاء وفي العائلات التي لديها تاريخ من التوحّد. وقد دفع ذلك الباحثين إلى دراسة مدى مساهمة العوامل الجينية في تطوّر التوحّد. وقدّرت العديد من الدراسات، بما في ذلك دراسات التوائم ودراسات العائلات، وراثة التوحّد بنسبة تقارب 80 إلى 90%، مما يشير إلى أن للعوامل الجينية دورًا كبيرًا في مسبّباته. ومع ذلك، فإنّ تقديرات الوراثة لا تعني أنّ التوحّد يُحدَّد فقط عن طريق الجينات، إذ تسهم العوامل البيئية أيضًا في تطوّر الاضطراب.
قدّرت دراسات التوائم التي أُجريت بين عامَيْ 1977 و1995 وراثة التوحّد بأكثر من 90%؛ أي أنّ 90% من الفروقات بين الأفراد المصابين بالتوحّد وغير المصابين تُعزى إلى تأثيرات جينية. وعندما يكون أحد التوأمين المتطابقين مصابًا بالتوحّد، غالبًا ما يعاني الآخر من صعوبات تعلّمية أو اجتماعية. أمّا بالنسبة للأشقاء البالغين، فقد تصل احتمالية وجود سِمة أو أكثر من سمات النمط الظاهري الواسع للتوحّد إلى 30%، وهي نسبة أعلى بكثير من النسبة لدى الأفراد في المجموعات الضابطة.
على الرغم من أنّ تحاليل الارتباط الجيني لم تكن حاسمة، فقد اكتشفت العديد من تحاليل الترابط الجيني متغيّرات جينية مرتبطة بالتوحّد. وبالنسبة لكل فرد مصاب بالتوحّد، غالبًا ما تكون هناك طفرات في العديد من الجينات. وقد تكون الطفرات في مجموعات مختلفة من الجينات متورطة لدى أفراد مختلفين مصابين بالتوحّد. وقد توجد تفاعلات مهمّة بين الطفرات في عدّة جينات، أو بين البيئة والجينات الطافرة. ومن خلال تحديد العلامات الجينية الموروثة مع التوحّد في دراسات الأُسر، تمّ تحديد العديد من الجينات المرشّحة، والتي يرمز معظمها إلى بروتينات تشارك في تطوّر الجهاز العصبي ووظيفته.
ومع ذلك، لم يتم تحديد الطفرات الفعلية التي تزيد من احتمال الإصابة بالتوحّد في معظم هذه الجينات المرشّحة. وبشكل عام، لا يمكن تتبّع التوحّد إلى طفرة مندلّية (جينية واحدة) أو إلى شذوذات في الكروموسومات المفردة مثل متلازمة الكروموسوم الهش (Fragile X syndrome) أو متلازمة حذف 22q13.
قد تنجم نسبة تتراوح بين 10–15% من حالات التوحّد عن اضطرابات جينية فردية أو عن اختلافات عدد النسخ — وهي تغيّرات تلقائية في المادة الوراثية تحدث أثناء الانقسام المنصّف وتؤدي إلى حذف أو تكرار في المادة الوراثية.
تؤدي هذه التغيّرات أحيانًا إلى توحّد متلازمي، على عكس التوحّد مجهول السبب الأكثر شيوعًا. وقد تم فحص الحالات الفُرادى (غير الموروثة) لتحديد مواقع جينية مرشّحة لها دور في التوحّد. ومن الممكن أن يكون جزء كبير من حالات التوحّد ذا وراثة عالية ولكنه غير موروث: أي أن الطفرة التي تسببت في التوحّد غير موجودة في الجينوم الأبوي.
على الرغم من أنّ نسبة حالات التوحّد التي يمكن تتبّعها إلى سبب جيني قد ترتفع إلى 30–40% مع تحسّن دقّة تقنيّة التهجين الجيني المقارن باستخدام الشرائح، فقد تمّ وصف العديد من النتائج في هذا المجال بتسرّع، مما قد يُضلّل الجمهور للاعتقاد بأن نسبة كبيرة من التوحّد ناتجة عن اختلافات عدد النسخ وقابلة للكشف باستخدام هذه التقنية، أو أن اكتشاف هذه الاختلافات يعادل التشخيص الجيني.
تحتوي قاعدة بيانات مشروع الجينوم للتوحّد على بيانات الارتباط الجيني واختلافات عدد النسخ التي تربط التوحّد بمواقع جينية وتُشير إلى احتمال تورّط كل كروموسوم بشري. وقد يكون استخدام الأنماط الظاهرية الفرعية المرتبطة بالتوحّد بدلاً من التشخيص العام للتوحّد أكثر فائدة في تحديد المواقع الحساسة.