فهم حقيقة نظرية حاسوبية للعقل

في فلسفة العقل، تمثل النظرية الحاسوبية للعقل (سي تي إم)، التي تُعرف أيضًا باسم الحوسبية، عائلة من وجهات النظر المنطوية على اعتبار العقل البشري نظامًا قادرًا على معالجة المعلومات واعتبار المعرفة والوعي معًا شكلًا من أشكال الحوسبة. يرجع أول اقتراح لاعتبار النشاط العصبي حوسبي إلى وارن مكولوتش ووالتر بيتس (1943). جادل الاثنان أن الحوسبات العصبية قادرة على تفسير المعرفة. اقتُرحت النظرية في شكلها الحديث بواسطة هيلاري بوتنام في عام 1967، ليطورها في وقت لاحق طالب الدكتوراه، والفيلسوف والعالم المعرفي جيري فودور في ستينيات، وسبعينيات وثمانينيات القرن العشرين. لاقت هذه النظرية منازعات شديدة في الفلسفة التحليلية في تسعينيات القرن العشرين نتيجة أعمال بوتنام نفسه بالإضافة إلى جون سورل وآخرين.

تنص النظرية الحاسوبية للعقل على اعتبار العقل بمثابة نظام حاسوبي قابل للتحقيق (أي تنفيذه ماديًا) من خلال النشاط العصبي في الدماغ. يمكن صياغة هذه النظرية باستخدام العديد من الطرق المختلفة وقد تتباين إلى حد كبير بالاعتماد على كيفية فهم مصطلح الحوسبة. يمكن فهم الحوسبة عمومًا من ناحية آلات تورنغ التي تتلاعب بالرموز بالاستناد إلى قاعدة معينة، بالإضافة إلى الحالة الداخلية الخاصة بالآلة. يتمثل العامل الحاسم لهذا النموذج الحوسبي في السماح بالتجريد بعيدًا عن التفاصيل المادية المحددة الخاصة بالآلة المسؤولة عن تنفيذ الحوسبة. على سبيل المثال، من الممكن تنفيذ الحوسبة الملائمة إما باستخدام الرقائق السيليكونية أو الشبكات العصبية الحيوية، طالما أن هناك سلسلة من المخرجات القائمة على عمليات التلاعب بالمدخلات والحالات الداخلية، التي يمكن إجراؤها وفقًا لقاعدة محددة. نتيجة لذلك، لا تفضي النظرية الحاسوبية للعقل إلى اعتبار العقل ببساطة نظيرًا للبرنامج الحاسوبي، بل إلى اعتباره نظامًا حاسوبيًا بشكل حرفي.

غالبًا ما يُشار إلى استلزام النظريات الحاسوبية للعقل تمثيلات عقلية إذ تأتي «المدخلات» إلى داخل الحوسبة على شكل رموز أو تمثيلات لكائنات أخرى. لا يمكن للحاسوب حوسبة كائن فعلي إذ يلجأ إلى تفسير الكائن وتمثيله في شكل معين ومن ثم حوسبة التمثيل الناتج. ترتبط النظرية الحاسوبية للعقل مع النظرية التمثيلية للعقل في استلزام كلتيهما النظر في الحالات العقلية باعتبارها تمثيلات. مع ذلك، تركز النظرية التمثيلية للعقل على الرموز الخاضعة لعمليات التلاعب. يعمل هذا النهج على تفسير النظامية والإنتاجية بشكل أفضل. من منظور فودور الأصلي، ترتبط النظرية الحاسوبية للعقل أيضًا مع لغة الفكر. تسمح فرضية لغة الفكر للعقل بمعالجة تمثيلات أكثر تعقيدًا بمساعدة من علم المعاني. (انظر أدناه في علم معاني الحالات العقلية).

أشارت الأعمال الأخيرة إلى إمكانية التمييز بين العقل والمعرفة. من خلال بنائها على تقليد مكولوتش وبيتس، تنص النظرية الحاسوبية للمعرفة (سي تي سي) على تفسير الحوسبات العصبية للمعرفة. تؤكد النظرية الحاسوبية للعقل على كون المعرفة، فضلًا عن الوعي الظاهراتي أو الكيفيات المحسوسة، حاسوبية. يعني هذا بدوره استلزام النظرية الحاسوبية للعقل وجود النظرية الحاسوبية للمعرفة. بينما يمكن للوعي الظاهراتي تلبية دور وظيفي آخر، تترك النظرية الحاسوبية للمعرفة الباب مفتوحًا أمام احتمالية وجود بعض الجوانب غير الحاسوبية للعقل. نتيجة لذلك، توفر النظرية الحاسوبية للمعرفة إطارًا توضيحيًا هامًا من أجل فهم الشبكات العصبية، مع تجنب الحجج المضادة التي تتمحور حول الوعي الظاهراتي.

قراءة المقال الكامل على ويكيبيديا ←