محب الدين الخطيب (أواخر يوليو 1886 - 30 ديسمبر 1969م) وبالكامل محب الدين بن أبي الفتح بن عبد القادر بن صالح بن عبد الرحيم بن محمد الخطيب الكيلاني أديب وكاتب وصحفي ومحقق وناشر وداعية إسلامي سوري. ولد الخطيب في دمشق وتعلم بها ومن ثم تعلم في الاستانة. شارك سنة 1324 هـ في إنشاء جمعية بدمشق سميت النهضة العربية وكان من أعضائها الدكتور صالح الدين القاسمي. ورحل إلى صنعاء فترجم عن اللغة التركية وعمل في بعض مدارسها. ولما أعلن الدستور العثماني عام 1908 عاد إلى دمشق. ثم زار الأستانة ومنها قصد القاهرة عام 1909 فعمل في تحرير صحيفة المؤيد. وانتدبته إحدى الجمعيات العربية في أوائل الحرب العامة الأولى، للاتصال بأمراء العرب فاعتقله الإنكليز في البصرة سبعة أشهر. وأعلنت في مكة الثورة العربية (1916) فقصدها وحرر جريدة القبلة فحكم عليه الأتراك بالإعدام غيابيا. ولما جلا العثمانيون عن دمشق عاد إليها (1918) وتولى إدارة جريدة العاصمة. وفر بعد دخول الفرنسيين سوريا ولبنان فاستقر في القاهرة وعمل محررا في الأهرام. وأصدر مجلتيه الزهراء والفتح وكان من أوائل مؤسسي جمعية الشبان المسلمين. وتولى تحرير مجلة الأزهر ست سنوات. وأنشأ المطبعة السلفية ومكتبتها، فأشرف على نشر عدد كبير من كتب التراث وغيرها. ونشر من تأليفه اتجاه الموجات البشرية في جزيرة العرب و تاريخ مدينة الزهراء بالأندلس و ذكرى موقعة حطين و الأزهر، ماضيه وحاضره والحاجة إلى إصلاحه و الرعيل الأول في الإسلام و الحديقة مجموعة كبيرة في إجزاء صغيرة أصدر منها 13 جزءا. وترجم عن التركية كتبا منها سرائر القرآن وضمت خزانة كتبه نحو عشرين ألف مجلد مطبوع تغلب فيها النوادر. وهو خال الشيخ الفقيه الأديب علي الطنطاوي، وإخوته: القاضي الشاعر ناجي الطنطاوي، والدكتور في الرياضيات عبد الغني الطنطاوي، والفيزيائي الأديب محمد سعيد الطنطاوي، و والد زوجة الدكتور عمر عبد الكافي الداعية الاسلامي.
عرف العالم العربي نهاية القرن 19م وبداية القرن 20م مجموعة من المفكرين العرب عرفوا بدعاة القومية العربية حيث نادوا بالوحدة العربية دون تفرقة تجمعهم هوية واحدة هي العروبة ودين واحد وهو الإسلام. وممن عرفوا في هذا الاتجاه المفكر محب الدين الخطيب الذي كان بفكره يهدف إلى لم شمل العرب بعد أن بقي يئن لقرون تحت سيطرة ووطأت الاستعمار الأجنبي و بأشكاله المختلفة وقد كان في منظوره أن العروبة لها ثلاث ركائز اللغة والإخلاص للأمة العربية والوفاء للدين الإسلام.
كانت جهود محب الدين الخطيب في الصحافة متواصلة منذ بواكير شبابه ففي عام 1908 شارك عمال صحيفة (القبس) في تحرير عدد هزلي انتقادي لبعض تصرفات الحكومة ورجالها سماه (طار الخرج) فانتشر أيما انتشار ونفدت طبعاته، فتبعت السلطات التركية محرريه، فسافر محب الدين إلى بيروت، فأمرت الحكومة بملاحقته، فانتقل إلى القاهرة وهناك شارك في جريدة المؤيد المصرية التي نشر فيها كثيراً من أعمال المبشرين البروتستانت نقلاً عن مجلتهم «مجلة العالم الإسلامي» الفرنسيّة، ووضح ما يراد بالمسلمين.
عندما تأسس حزب اللامركزية العثماني في القاهرة عام 1913 برئاسة رفيق العظم كان محب الدين عضو مجلس الإدارة وكاتم السر الثاني فيها. وتأسست في بيروت ثم في باريس جمعية العربية الفتاة فكان محب الدين يمثل هذه الجمعية بمصر، وينفذ قراراتها التي لها علاقة بحزب اللامركزية. وفي هذه السنة 1913 أيضاً أسس محمد رشيد رضا مدرسة الدعوة والإرشاد فوقع اختياره على محب الدين ليدرس علم طبقات الأرض. وعندما وقعت الحرب العالمية الأولى قررت الجمعيات السرية ورجالات القومية العربية إيفاد مندوبين إلى زعماء العرب لمفاوضتهم في أمرها، واختاروا محب الدين للسفر إلى جزيرة العرب في محاولة للاجتماع بزعماء تلك المنطقة، فسار إلى عدن ثم بومباي ثم أبحر إلى الكويت فاعتقله ضابط بريطاني ومكث في السجن تسعة أشهر دون أن يتمكن من إتمام مهمته، وعاد إلى مصر والحرب على أشدها والاضطهاد التركي في ذروته.
طلبه الشريف الحسين بن علي برقياً فسافر إلى مكة فأسس المطبعة الأميريّة، وأصدر جريدة القبلة الناطقة باسم حكومة الحجاز، وكانت صحيفة دينية سياسية واجتماعية وإخبارية تصدر مرتين في الأسبوع، كما أصدر صحيفة (الارتقاء) في شوال سنة 1335هـ (1917م) وكانت صحيفة أدبية وتاريخية أسبوعية. وكان الشريف حسين يستشيره في أكثر أموره الخارجية هو والشيخ كامل القصاب بصفتهما من رجال جمعية العربية الفتاة. ولمّا دخل جيش العربي مدينة دمشق عام 1918م بقيادة الأمير فيصل عاد محب الدين الخطيب إليها، واستقبلته جمعية العربية الفتاة ليكون عضواً في لجنتها المركزية التي تشرف على إدارة الدولة من وراء ستار، وأنيط به إدارة وتحرير الجريدة الرسمية للحكومة باسم العاصمة وأُبيح له أن يكتب مقالات توجيهية كما يشاء بلا رقابة. وبعد الغزو الفرنسي للبنان وسوريا عاد الخطيب إلى القاهرة مجددا عام 1920 وعمل في تحرير جريدة الأهرام خمس سنوات. وحتى سنة 1344هـ (أواخر عام 1925م) وقد هاجم الصحيفة لاحقاً ورد على كُتَّابها؛ مبرراً ذلك في مقال (الأهرام شرُّ وسيط بين الإسلام وفرنسا) المنشور بصحيفة الفتح:«لأني رجل عرفتُ ديني قبل أن أعرف جريدة الأهرام ومَن فيها، فلا أخذل صديقي القديم لأحظى برضا غيره.»
أصدر لاحقاً مجلة الزهراء من خلال مطبعته في محرم سنة 1343هـ (1924م)؛ وكانت مجلة دينية أدبية واجتماعية تصدر مرتين في الشهر ودامت خمس سنين. وفي ذي الحجة من عام 1344هـ (1926م) أصدر صحيفة الفتح الأسبوعية وكانت من الصحف الإسلامية المتميزة التي ظهرت في العالم العربي وكانت تُعنَى بالتاريخ والأحداث السياسية والاجتماعية، واستمرت صحيفة الفتح تصدر أكثر من عشرين عامًا، وقد استقطبت هذه الصحيفة أشهر كُتاب العالم الإسلامي آنذاك، وتصدت للدفاع عن حقائق الإسلام وحقوق المسلمين. وقد بيَّن سبب إصداره تلك الصحيفة في إحدى افتتاحياتها فقال:«إن الفتح أُنشئت لمماشاة الحركة الإسلامية وتسجيل أطوارها، ولسد الحاجة إلى حادٍ يترنم بحقائق الإسلام مستهدفًا تثقيف النشء الإسلامي وصبغه بصبغة إسلامية أصيلة يظهر أثرها في عقائد الشباب وأخلاقهم وتصرفاتهم وحماية الميراث التاريخي الذي وصلت أمانته إلى هذا الجيل من الأجيال الإسلامية التي تقدمته.» ثم اضطر الخطيب إلى إيقاف إصدار الصحيفة في أواخر سنة 1367هـ (1948م)، يقول:«أوقفتها حينما أصبح حامل المصحف في هذا البلد مجرمًا يفتَّش ويعاقَب.» ثم تولى رئاسة تحرير مجلة الأزهر التي كانت تصدر عن مشيخة الأزهر، وكانت مجلة دينية وأدبية شهرية، وظل في منصبه هذا طيلة ست سنوات في ما بين عامي (1952 - 1958م) وعلى أثر سوء تفاهم مع القائمين على الأزهر استقال من رئاسة تحرير مجلة الأزهر. وأخيراً أصدر بالتعاون مع حسن البنا وطنطاوي جوهري مجلة الإخوان المسلمون الأسبوعية سنة 1933م.