حصار مجمع الشفاء الطبي هو حصار فرضته قوات الاحتلال الإسرائيلي منتصف نوفمبر 2023 على مجمع الشفاء الطبي وهو مجمع طبي حكومي يعتبر أكبر مؤسسة صحية طبية داخل قطاع غزة، ويضم ثلاث مستشفيات تخصصية هي مستشفى الجراحة ومستشفى الباطنة ومستشفى النساء والتوليد، وتبلغ قدرته السريرية الإجمالية 564 سرير. أدعت قوات الإحتلال الإسرائيلي أن في المجمع مركز قيادة وسيطرة تابع لحركة حماس. تبع الحادثة عملية اقتحام كبرى ثانية نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في مارس 2024.
شن جيش الاحتلال الإسرائيلي هجوماً برياً على قطاع غزة في مساء يوم 27 أكتوبر، وسط سلسلة من الغارات الجوية واسعة النطاق وقطع للإتصالات والإنترنت في غزة. وخلال الاجتياح احاطت قوات الاحتلال الإسرائيلي بالمستشفى وطوقته وعزلته عن باقي قطاع غزة في 11 نوفمبر. وذكرت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، فقد كان المشفى يحتوي على 1,500 مريض، ومثلهم من العاملين في المجال الطبي، ونحو 15 ألف نازح بحثوا عن ملجأ داخل المستشفى. أدعت قوات الإحتلال الإسرائيلي وراعيتها الولايات المتحدة أن حماس تدير مراكز أو "عقد" قيادية من تحت المستشفى، وهو ما نفته إدارة المستشفى وحركة حماس، وطلبت الإدارة من المجتمع الدولي إرسال خبراء أمنيين للتحقق من الادعاءات الإسرائيلية. نتيجة الحصار تم وضع أكثر من 100 جثة في فناء المستشفى، ثم دُفنت لاحقًا من قبل الطواقم الطبية في مقبرة جماعية. وفي 15 نوفمبر أعلنت قوات الاحتلال الإسرائيلي أنها دخلت المستشفى بعد قتل مقاتلين في الخارج، وأنها عثرت على مركز قيادة لحماس وأسلحة ومعدات تكتيكية.
ذكرت صحيفة "ذا غارديان" وشبكة "سي إن إن" بعد جولة إعلامية أن جيش الاحتلال الإسرائيلي أعاد تنظيم الأسلحة أو زوّر بعضها لاستخدامه في الجولة، وأن الفيديو الذي نشره جيش الاحتلال الإسرائيلي حول الاكتشافات قد عُدل. وأشارت شبكة "إن بي سي نيوز" إلى أن إسرائيل نشرت عدة معلومات غير دقيقة أو محل خلاف، مما ضعف مصداقيتها. وقالت قناة الجزيرة الإنجليزية إن "كثيرًا من الخبراء" اتهموا إسرائيل بتزوير الأدلة. وفي 22 نوفمبر نشرت إسرائيل تسجيلًا مصورًا يظهر وجود عدة أنفاق تحت المستشفى، لكن كل من "وول ستريت جورنال" و"ذا غارديان" أوضحا أن هذه المشاهد لم تكن كافية لإثبات وجود مركز القيادة الذي زعمت إسرائيل بوجوده سابقاً. كما نشرت إسرائيل تسجيلًا استخباريًا التقطته كاميرات المستشفى، يبدو فيه وكأنه تم إدخال رهائن داخل المستشفى. وذكرت صحيفة "ذا غارديان" أن حماس سبق أن نشرت مشاهد توضح نقلها لرهائن إلى المستشفى لتلقي العلاج الطبي. وفي 21 ديسمبر نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تحليلًا خلص إلى أن المباني المعنية داخل المستشفى لم تكن متصلة فعليًا بالأنفاق المزعومة. وفي 2 يناير 2024 نشرت الولايات المتحدة وثائق تشير إلى استمرار تأكيد وكالاتها الاستخبارية على استخدام المستشفى كمركز قيادة وسيطرة دون تقديم أدلة مرئية، وفي اليوم التالي أعلنت إسرائيل أنها هدمت نفقًا تحت المستشفى. ونقلت تقارير إخبارية في اليوم التالي أن تصريحات إسرائيل والولايات المتحدة لم تُعتبر دليلًا قاطعًا على استخدام حماس للمشفى.
أدى اقتحام المستشفى وإدعاءات إسرائيل عن البنية العسكرية إلى انتقادات دولية واسعة، ودعا المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك إلى تحقيق مستقل. حيث يمنع القانون الدولي استهداف المستشفيات إلا إذا كانت تستخدم لأغراض عسكرية "ضارّة بالعدو"، مع وجوب منح المدنيين فرصة للإجلاء، ووجود قواعد صارمة فيما يتعلق بالنسبة بين القوة المستخدمة والهدف. كما يُمنع استخدام موظفي المستشفى أو المرضى كدروع بشرية. واتهم جيرمي سكاهيل إسرائيل بخوض حرب دعائية لصرف النظر عن الاتهامات التي تتهمها بخرق القانون الدولي في مجمع الشفاء. واتهم الطاقم الطبي في المجمع إسرائيل بالتسبب بوفاة المرضى والمواليد في المستشفى. وصرّح مدير منظمة الصحة العالمية قائلاً: "المستشفيات ليست ساحات معارك"، ووصف أفعال إسرائيل بأنها "غير مقبولة تمامًا". وفي 18 مارس 2024 نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي عملية اقتحام ليلية على مستشفى الشفاء زاعمة تلقيها معلومات استخبارية تفيد بأن مسؤولين كبارًا من حماس أعادوا التجمع واستخدموا المستشفى "لشن عمليات هجومية". واسفر الحصار القصف والعبث الإسرائيلي عن تدمير معظم مجمع الشفاء الطبي، وعُثر لاحقًا على مئات الجثث لفلسطينيين في المستشفى وحوله، ومقابر جماعية.