الحجاب (الجمع: أحجِبة أو حُجُب) في الشريعة الإسلامية هو اللباس الشرعي الساتر لبدن المرأة وزينتها، على نحوٍ يمنع الأجانب عنها من رؤية شيء منها، فإن كانت المرأة في مواجهة رجال أجانب عنها، سواء في بيتها أو خارجه، فالواجب عليها أن ترتدي اللباس الشرعي الكامل وفق ما بيّنته النصوص الشرعية. فالحجاب هو أحد الفرائض الثابتة متى ما بلغت الفتاة سن التكليف أي السن الذي ترى فيه الأنثى الحيض وتبلغ فيه مبلغ النساء، وهو فرض تعبّدي لا يسقط بالتقادم ولا بتغيّر العُرف أو الزمان.
دل على وجوب الحجاب الأدلة الصريحة من القرآن والسنة النبوية، والإجماع العملي من نساء المؤمنين من عصر النبي محمد مرورًا بعصر الخلافة الراشدة وما بعدها، واستمر العمل به حتى بعد انحلال الدولة الإسلامية إلى دويلات في منتصف القرن الرابع عشر الهجري، وقد انعقد عليه إجماع الأمة ولم يخالف فيه أحد من المسلمين عبر القرون سلفاً ولا خلفاً، يقول الإمام ابن قدامة في كتابه المغني (ت. 620 هـ): "وأجمع المسلمون على أن ستر المرأة بدنها عن الأجانب فرض".
فرض الإسلام الحجاب لعدة أسباب، إذ تذكر الآية ال 59 من سورة الأحزاب الغرض من الحجاب وهو: ﴿ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ﴾، فالحجاب هو طاعةً لأمر الله عز وجل، وابتغاءً للعفاف، وحمايةً للمرأة والمجتمع من الفتن ومنع الفساق من التعرض لهن. وفي قول الله ﴿ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ﴾ فيه إشارة إلى وجود صلة بين ما تراه العين وما يتعلق به القلب، لأن العين تزرع الشهوة في القلب وتجعله يميل للحرام، كما فُرض الحجاب على المرأة لأنها محل لنظر الرجال الذين أمروا أيضا في الإسلام بغض أبصارهم، ولكي لا يكون تعامل الرجل الأجنبي مع المرأة بحسب شكلها وجمالها، وإنما يكون بحسب إنسانيتها وأخلاقها وهو ما يترتب عليه حصولها على حقوقها بلا تمييز.
لم يُعرف في تاريخ الأمة من أنكر أصل وجوب الحجاب من علماء المذاهب الأربعة، بل إن من يخالف ذلك اليوم فإنما هو من المتأثرين بالعلمانية الغربية أو دعاوى التبرج الحديثة. فترك الحجاب هو معصيةٌ لله تعالى، وتهاونٌ في أمرٍ عظيمٍ من أوامره، فمن تركت الحجاب أو تهاونت فيه أو أنكرت فرضيته بعد قيام الحجة عليها، فهي على خطر الكفر والخروج من الملة لأنها خالفت أمر ربها، وتسببت في فتح أبواب الفتنة على نفسها وعلى غيرها، فعذاب الله شديد لمن عصاه واستخف بشرعه يقول الله: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ٦٣﴾ [النور:63] كما أن المرأة المتبرجة تُعد من الداعيات إلى الفساد، إذ ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في وصف نساء آخر الزمان: «نساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البُخت، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها...» [رواه مسلم].
يعتبر الإسلام الالتزام بالحجاب في أزمنة التبرج والفتن والإنحلال الأخلاقي من دلائل الإيمان الصادق، وعلامة من علامات الصبر والثبات على طاعة الله. ويستشهد العلماء المسلمون في هذا السياق بحديث النبي محمد: «العِبَادَةُ فِي الهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ» [رواه مسلم]، والذي يُفَسَّر على أن العبادة في أوقات الفتن والاضطرابات تعادل في أجره هجرةً إلى النبي صلى الله عليه وسلم. ويقول النبي محمد: «بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ، فطوبى للغرباء» [رواه مسلم]، فالغربة في هذا المقام تشمل كل من يتمسك بدينه رغم مخالفة الناس له فيصبح وكأنه غريب في مجتمعه. فالمرأة التي تختار طاعة الله وترتدي حجابها الكامل في زمن يُحارب فيه الستر وتُروّج فيه الفواحش، هي من الغرباء الموعودين بالجنة. كما أن الله سبحانه وتعالى وعد عباده المؤمنين والمؤمنات الصابرين بالفوز العظيم، فقال: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ... وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ... وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ... أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 35]
تتعرض العديد من النساء في بعض دول العالم إلى التمييز بسبب ارتدائهن للحجاب، مُنعت العديد منهن من ارتداء الحجاب وتعرض بعضهن للمضايقات وصلت حتى الطرد من العمل والمنع من دخول بعض الأماكن العامة والإعتداء عليهن في الشوارع، ففي حين أنه من الصعب الحصول على إحصائيات دقيقة حول هذا النوع من الحوادث، إلا أن حالات التمييز المبلغ عنها موجودة وفي ارتفاع دائم. وهناك بعض الدول تمنع أو تقيد تغطية الرأس في المؤسسات العامة كالجامعات والمدارس أو المؤسسات الحكومية؛ مثل فرنسا وسابقا تركيا - في عهد أتاتورك - وتونس - في عهد بورقيبة وبن علي-. بينما توجد دول ومنظمات أخرى تفرضه على مواطناتها وحتى الأجنبيات منهن مثل إيران، وحالياً حركة طالبان في أفغانستان بعد السيطرة عليها مجدداً.
وقد تم اعتبار يوم 1 فبراير من كل عام «اليوم العالمي للحجاب» حيث قامت بإطلاق هذه المبادرة الناشطة الأمريكية «ناظمة خان» والتي بررت سبب قيامها بهذه المبادرة بقولها: «من أجل القضاء على الكراهية في العالم، يجب أن نتعلم أن نتقبل الآخرين وكل اختلافاتهم. لذا يا اخواتي عندما تخترن ارتداء الحجاب في هذا اليوم تضامنا مع النساء المسلمات فأنتن تساعدن في التصدي للتمييز الذي تتعرض له النساء المحجبات، ولكن أهم من ذلك ستعرفن أن تحت الحجاب هناك إنسان وقلب وروح مثل أي شخص آخر».