تغلث فلاسر الثالث (بالأكادية الآشورية الجديدة: 𒆪𒋾𒀀𒂍𒈗𒊏، تُنقل صوتيًا: تُكُلتي-أبل-إشَرّا، أي "ثقتي بابن إشَرّا"، وبالعبرية التوراتية: תִּגְלַת פִּלְאֶסֶר)، كان إمبراطورًا آشوريًا من عام 745 ق.م حتى وفاته في عام 727 ق.م. يُعد من أبرز وأهم ملوك آشور في تاريخها، إذ أنهى فترة من الركود السياسي والعسكري، وأدخل إصلاحات جذرية في نظام الحكم والجيش، كما ضاعف مساحة الأراضي الخاضعة للسيطرة الآشورية. ويرى بعض الباحثين أن هذه التوسعات والإصلاحات تمثل نقطة التحول الحقيقية لآشور من مملكة إلى إمبراطورية، خصوصًا مع إنشاء جيش دائم وتوسيع سلطة الدولة المركزية، وهي أسس اقتدت بها إمبراطوريات لاحقة لقرون طويلة.
الظروف المحيطة بصعود تغلث فلاسر إلى العرش غير واضحة؛ إذ أن المصادر الآشورية القديمة تختلف في نسبه، وهناك إشارات إلى وقوع تمرد عند اعتلائه الحكم، ما دفع عددًا من المؤرخين إلى الاعتقاد بأنه استولى على العرش بالقوة من سلفه آشور نِراري الخامس، الذي يُعتقد أنه كان إما والده أو شقيقه. في المقابل، يرى مؤرخون آخرون أن الأدلة قد تُفسّر أيضًا على أنه ورث العرش بشكل شرعي، وما زال هذا الجدل قائمًا حتى اليوم.
عزّز تغلث فلاسر من سلطة الملك على حساب نفوذ القادة والموظفين الكبار. وبعد تحقيقه انتصارات صغيرة في عامي 744 و743 ق.م، ألحق هزيمة كبيرة بملك أورارتو، سردوري الثاني، قرب مدينة أرباد (سوريا)عام 743 ق.م، وهي معركة مهمة نظرًا لأن أورارتو كانت قد قاربت قوة آشور في تلك الفترة، بل إن سردوري نفسه سبق أن هزم سلف تغلث فلاسر قبل أحد عشر عامًا.
بعد هذه الانتصارات، وجّه تغلث فلاسر أنظاره نحو بلاد الشام، فخاض عدة حملات انتهت بسيطرته على معظم مناطقها، حيث أخضع ممالك بارزة مثل مملكة آرام دمشق، وأنهى وجودها السياسي. وقد وردت أخبار حملاته الشامية في الكتاب المقدس العبري. وفي عام 729 ق.م، وبعد سنوات من الصراع، تمكن من السيطرة على بابل، ليصبح أول ملك يجمع بين حكم آشور وبابل كملك واحد.