تحليل تشفير لورنز هو العملية التي مكنت البريطانين من قراءة رسائل الجيش الألماني رفيعة المستوى خلال الحرب العالمية الثانية. فكت كلية الترميز والتشفير الحكومية في حديقة بلتشلي تشفير العديد من الاتصالات بين القيادة العليا للفيرماخت (القيادة العليا الألمانية) في برلين وقادة جيشها في جميع أنحاء أوروبا المحتلة، وكان بعضها موقعًا من الزعيم أدولف هتلر. اعتُرضت هذه الإشارات الراديوية التي لا تستخدم تشفير مورس بواسطة ملحقات مبرقة جهاز التشفير التدفقي الدوار لورنز إس زد. أصبح فك تشفير حركة البيانات هذه مصدرًا هامًا للاستخبارات «الفائقة»، وساهم بشكل كبير في تحقيق النصر للحلفاء.
بالنسبة لرسائلها السرية عالية المستوى، شفّرت القوات المسلحة الألمانية كل حرف باستخدام عدة آلات تشفير تدفقي (كاتبات سرية) متصلة عند طرفي اتصال التلغراف باستخدام الأبجدية الدولية للتلغراف رقم 2 بطول 5 بت (آي تي إيه 2). اكتُشفت هذه الآلات لاحقًا لتصبح آلات لورنز إس زد للجيش (الحرفان إس وزد مشتقان من Schlüssel-Zusatz التي تعني مرفق الشفرات)، وسيمنز وهالسكه تي52 للقوات الجوية، وسيمنز تي43، التي لم تُستخدم سوى قليلًا ولم يستطع الحلفاء فك تشفيرها أبدًا.
كشف فك تشفير حديقة بلتشلي للرسائل المشفرة بأجهزة إينيغما أن الألمان أطلقوا على أحد أنظمة الإبراق اللاسلكي اسم سيغفيش (سمكة المنشار)، ما دفع المشفرين البريطانيين للإشارة إلى حركة البيانات الألمانية المشفرة المبرقة لاسلكيًا باسم «فيش». بينما «توني» (سمكة التونة) هو الاسم الذي أُطلق على طريقة التواصل التي لم تستخدم شيفرة مورس، واستُخدم لاحقًا لأجهزة التشفير وحركة بياناتها.
كما هو الحال مع تحليل شفرات إينيغما المنفصل تمامًا، سمح قصور التنفيذ الألماني بالتحليل الأولي للنظام وبطريقة لفك تشفيره. بعكس إينيغما، لم تصل أي آلة إلى يد الحلفاء حتى نهاية الحرب في أوروبا، بعد وقت طويل من تأسيس فك التشفير الشامل. أدت مشاكل فك تشفير رسائل توني إلى تطوير «كولوسس»، وهو أول حاسوب رقمي إلكتروني قابل للبرمجة في العالم. كانت عشرة حواسيب منه قيد الاستخدام بحلول نهاية الحرب، وفي ذلك الوقت كان قد فُك تشفير حوالي 90% من رسائل توني المحددة في حديقة بلتشلي.
قال محلل الشفرات ألبرت دبليو. سمول، من فيلق إشارات الجيش الأمريكي الذي أُعير إلى حديقة بلتشلي وعمل على تشفير توني، في تقريره الصادر في ديسمبر 1944 إلى قاعة أرلينغتون:
عكست الحلول اليومية لرسائل فيش في كلية الترميز والتشفير الحكومية خلفية العبقرية الرياضية البريطانية والقدرة الهندسية الرائعة والحس السليم القوي. كل من هذه العناصر كان عاملًا ضروريًا، وكان من الممكن المبالغة في كل منها أو التقليل منها لحساب الحلول؛ ومن الحقائق الرائعة أن اندماج العناصر بدا أنه في نسب مثالية، وكانت النتيجة مساهمة بارزة في علوم تحليل التشفير.