شهدت العلاقات بين جمهورية الصين الشعبية والاتحاد السوفيتي تغيرًا كبيرًا منذ عام 1969 حتى عام 1991، من صراع مفتوح إلى انفراج مرير ثم إلى شراكة دبلوماسية بحلول عام 1989. وتعود العلاقات بين الاتحاد السوفيتي (USSR) والحزب الشيوعي الصيني (CCP) إلى تأسيس الحزب الشيوعي الصيني في شنغهاي عام 1921، وهو اجتماع عُقد تحت إشراف الشيوعية الدولية. ظل السوفييت شركاء حذرين للحزب الشيوعي الصيني الصاعد طوال 22 عامًا من الحرب الأهلية الصينية، وكان الاتحاد السوفيتي أول دولة تعترف بجمهورية الصين الشعبية في عام 1949. شهد العام التالي توقيع معاهدة الصداقة والتحالف والمساعدة المتبادلة بين الصين والاتحاد السوفييتي، وتأسيس التحالف الصيني السوفيتي بالإضافة إلى بداية عقد من التعاون الاقتصادي بين البلدين.
على الرغم من عمليات نقل المساعدات والمواد الخام بين البلدين، إلا أنه بحلول عام 1956 بردت هذه الصداقة الدافئة، وبدأ الانقسام الصيني السوفيتي. في عام 1960 سحب الاتحاد السوفيتي جميع مستشاريه الاقتصاديين من جمهورية الصين الشعبية، وأصبحت العلاقات بينهما متوترة على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية والأيديولوجية. وبعد سنوات من التوغلات الحدودية بين الطرفين، شهد عام 1969 صراعًا حدوديًا صينيًا سوفيتيًا كاد أن يتحول إلى حرب نووية.
بعد صراع الحدود السوفيتية الصينية عام 1969، اتسمت العلاقات الصينية السوفيتية بسنوات من التوترات العسكرية والسياسية. وحتى بعد وفاة ماو تسي تونغ عام 1976، ظل هذان الحليفان السابقان عالقين في حرب باردة مصغرة، وغارقين في خلافات أيديولوجية وسياسية واقتصادية. ومع ذلك، بدأت العلاقات تتحسن في أواخر سبعينيات القرن العشرين مع انحسار تدريجي للتوترات العسكرية والتوجه نحو العلاقات الثنائية. وبعد سنوات من المفاوضات، استؤنفت العلاقات الثنائية الكاملة في مايو من عام 1989 في خضم مظاهرات ساحة تيانانمن والمذبحة عام 1989. واتسمت العلاقات الثنائية بالدفء والتفاهم المتبادل خلال العامين الأخيرين من العلاقات الصينية السوفيتية، حتى تفكك الاتحاد السوفيتي في ديسمبر عام 1991.«في خمسينيات القرن العشرين، كان الاتحاد السوفيتي بمثابة «الأخ الأكبر»، الذي ينبغي الاقتداء به. وطوال عقدي الستينيات والسبعينيات تقريبًا، أصبح الاتحاد السوفيتي مرادفًا «للتحريفية»، المصير المخيف الذي يجب على الصين تجنبه بأي ثمن. وأخيرًا، في ثمانينيات القرن العشرين جرى تجنب مثل هذه الاتجاهات المتطرفة. وأصبح الاتحاد السوفيتي يمثل نقطة الانطلاق المشتركة للاشتراكية، والتي يجب على الصين والدول الاشتراكية الأخرى (بما في ذلك الاتحاد السوفيتي) أن تنطلق منها تدريجيًا من خلال إصلاحات مخططة بعناية». - غيلبرت روزمانكانت العلاقة الصينية السوفيتية بأكملها عبارة عن سلسلة من الأحداث المتقلبة، من التحالف الوثيق إلى المواجهة النووية، ولكن بحلول الثمانينيات أتاح النهج المشترك للإصلاح استئناف العلاقات الدبلوماسية والتجارة المكثفة. وقد امتدت هذه الأحداث عبر أجيال متعددة من القيادة السياسية؛ إذ قاد الصين ماو تسي تونغ، وهوا جيو فينج، ودينج شياو بينج، بينما قاد الاتحاد السوفيتي كلٌ من جوزيف ستالين، ونيكيتا خروتشوف، وليونيد بريجنيف، ويوري أندروبوف، وقسطنطين تشيرنينكو، وميخائيل غورباتشوف. ورغم كثرة الاهتمامات الداخلية والخارجية، كرّست كل أجيال القيادتان الصينية والسوفيتية وقتًا وموارد كبيرة للعلاقة الصينية السوفيتية، وهي علاقةٌ تربطها اعتبارات سياسية واقتصادية وجغرافية وأيديولوجية.