اكتشف أسرار الحقيقة المشبوهة (مسرحية)

الحقيقة المشبوهة هي العمل الأبرز للكاتب خوان رويث دي ألاركون. ألفت بين عامي 1618 و1621، أي قبل وفاة الملك فيليبي الثالث، الذي يفترض أن يكون حيًّا في الإهداء المرفق بالعمل. يقدم ويلارد ف. كينغ تاريخًا أدق للكتابة، حيث يرى أن العمل قد كُتب بين عامي 1619 و1620.

وفقًا لدراسة بيدرو هنريكيز أورينا، تم تمثيل «الحقيقة المريبة» عام 1624، وظهر نصها النهائي في الجزء الثاني من كوميديات ألاركون عام 1634. إلا أنه سبق أن نُشرت من قبل، ونُسبت زورًا إلى لوبي دي فيغا، في الجزء الثاني والعشرين من كوميديات فينيكس إسبانيا لوبي دي فيغا كاربيو وأفضل الأعمال التي صدرت حتى ذلك الحين، سرقسطة: بيدرو فيرغيس، 1630.

أهم الإصدارات الكلاسيكية لهذه الكوميديا هي إصدار خوان يوجينيو هارتزينبوش (مدريد، ريفادينيرا، 1825، المجلد العشرون من BAE)، وإصدار الباحث المكسيكي ألفونسو رييس (مدريد، إسباسا-كاليب، 1937، الطبعة الثالثة)، وإصدار أغوستين ميياريس كارلو (ضمن الأعمال الكاملة، المجلد الثاني، مكسيكو: FCE، 1959)، وإصدار خوان ماريا مارين (مدريد، إسباسا-كاليب، 1990، الطبعة الرابعة عشرة)، وإصدار خوسيه مونتيرو ريجويرا (مدريد، كاستاليا، 1999). ومن المهم أيضًا ذكر إصدار خوان أوليزا وتيريزا فيرير في خوان رويز دي ألاركون: الجدران تسمع؛ الحقيقة المريبة، برشلونة: بلانيتا، 1986، بالإضافة إلى الإصدارات الإلكترونية لتيريزا فيرير فالز (2015) ولولا جوسا (2022).

تُعد هذه الكوميديا أشهر أعمال المؤلف، وتُعتبر قصة ذات نية أخلاقية، رغم أن معظم الدارسين يقدمون رؤية مختلفة. فالنقد الموجه للكذب، وخاصة الكذب المرضي أو الميتوماينيا، هو الغاية الرئيسية، لكن لا يمكن تصنيف النص كعمل تعليمي أو موجه للأغراض الأخلاقية فقط.

تدور أحداث العمل المسرحي في مدريد، حيث يلتقي دون غارسيا، الشخص الكاذب، بـ خاسينتا ولوكريسيا. البطل الحقيقي واقع في حب دونا جاسينتا، ومن أجل الفوز بقلبها، يخترع شبكة كاملة من الأكاذيب التي تُشكل جوهر القصة، لا سيما مع وجود شاب آخر يطلب يدها، هو خوان دي سوسا.

يستمر دون غارسيا في هذا السلوك رغم النصائح الصادقة والصحيحة من خادمه تريستان ومن والده بيلتران. يدّعي أنه هندي غني، ما يثير غيرة خوان. لكنه يُخدع بدوره من قبل لوكريسيا، التي تحبّه وتسمح لنفسها بأن تُمرّ على أنها جاسينتا.

في النهاية، يصبح دون غارسيا ضحية لمؤامراته الخاصة، ونتيجة للضغوط التي يفرضها عليه هذا التشابك، وكذلك غضب أولياء أمور العرائس، يُجبر على الزواج ممن لا يحب، وهي لوكريسيا، بينما يتزوج خوان من جاسينتا.

تُعدُّ «الحقيقة المشكوك فيها» أشهر كوميديا ذات طابع أخلاقي للكاتب خوان رويز دي ألاركون، حيث يمتلك كل شخصية في المسرحية أهمية خاصة تميزها عن بقية الشخصيات. بعض التفسيرات ترى العمل على أنه سخرية من الأساليب المسرحية الرائجة في ذلك العصر. كما تُظهر المسرحية تفوق كوميديا الشخصيات على كوميديا المؤامرات، إذ تدور الحبكة حول سخرية شخصية دون غارسيا الكاذب، الذي يمثل مركز جميع الرذائل.

هناك بعض الباحثين الذين يحلّلون شخصية دون غارسيا على أنها ثنائية الطبيعة؛ فهو في الوقت نفسه فارس شجاع وعاشق مثالي يجب أن يُكافأ بالزواج، وفي الوقت نفسه شخصية كاذبة تستوجب العقاب. يعتقد بعض النقاد أن سلوك دون غارسيا يعكس نظرية الأخلاط الأربعة السائدة في تلك الفترة، ويظهر عليه اختلال في التوازن النفسي. وقد فُسّر هذا الاختلال بعدة طرق؛ فبعضهم يرى أن البطل يعاني من الكآبة الناتجة عن حب مثالي، بينما يحلّل آخرون تصرفاته على أنها نتيجة فرط الغضب والخيال، رغبةً في الحب والشهرة، مثل حالة هيروستراتوس الذي أحرَق معبد أرتميس في أفسوس ليُعرف اسمه.

جميع الشخصيات، وخصوصًا دون بيلتران، تتمتع بحس أخلاقي عالٍ كما كان متوقعًا في تلك الفترة. ومع ذلك، لا يعني ذلك أن ألاركون حاول إنشاء دراما تعليمية تتماشى مع قواعد التراجيديا؛ بل على العكس، تعتمد مؤامرات الكوميديا على تساهل بعض الشخصيات مع أكاذيب دون غارسيا. وقد دفعت التفسيرات المتعددة للعمل بعض الباحثين إلى دراسة الرموز الفلكية لفهم النص بشكل أعمق.

عادةً ما يُنظر إلى هذه المسرحية على أنها نقطة النضج الأدبي لألاركون. ويقول الباحث كينغ: «لم يخلق ألاركون شخصية أكثر بقاءً في الذاكرة من دون غارسيا، ولا كوميديا أكثر حدة من «الحقيقة المشكوك فيها»، التي استلهمها بلا شك من تجاربه الخاصة مع خداع البلاط». وفقًا لاقتراح كاسترو ليال، تمثل هذه المسرحية بداية الفترة الثانية للكاتب بين 1613 و1618، وتتميز بكوميديا الشخصيات. كما أن البناء الدرامي ووضوح الحبكة لا يختلفان كثيرًا عن كوميديا المدن في العصر الذهبي الإسباني، حيث يتركز الصراع حول موضوع واحد وشخصية مركزية.

تشمل المسرحية جامعة سالامانكا كمكان رئيسي للأحداث إلى جانب مدريد، ربما بسبب ميل ألاركون للمؤسسات الجامعية، إذ يُظهر دون غارسيا رذائل غالبًا ما تُنسب للطلاب. يزداد هذا التوجه في الفصل الثالث، حيث يبدأ ذروة الأحداث.

من خلال المسرحية، يعرض ألاركون أزمة القيم لدى الأرستقراطية ليتمكن أفرادها من تصحيح أنفسهم. فالنبالة الحقيقية لا تأتي من النسب أو المظاهر، بل من الأفعال الحسنة. ويمكن أن يُقرأ ذلك أيضًا كمضمون سيرة ذاتية، إذ تعرض الكاتب للإهانة والاستخفاف من قبل بعض الأرستقراطيين، فقرر الانتقام بطريقة ساخرة عبر المسرح. هذا المنظور الأخلاقي يعيد تشكيل معظم الدراما في زمنه ويُعيد هيكلة نوع الكوميديا الجديدة.

ألهمت هذه المسرحية الكاتب المسرحي الفرنسي بيير كورنييل في تأليف أعماله «الكاذب» (Le Menteur, 1644) و«استكمال الكاذب» (La suite du Menteur, 1645). كان كورنييل يُقدّر عمل رويز دي ألاركون على أنه الأفضل بين الأعمال الإسبانية التي عرفها، بل ويعتبره أحيانًا أفضل من أعماله الخاصة، حيث قال: «لقد قلت مرارًا أنني كنت لأتمنى لو كانت هاتان المسرحيتان من تأليفي… لم أرَ في لغتهم شيئًا أمتعني أكثر».

وبناءً على مسرحية كورنييل، وُلِدت عام 1750 مسرحية جديدة بعنوان «الكاذب» (Il bugiardo) كتبها الكاتب المسرحي الفينيسي كارلو جولدوني، مستخدمًا شخصيات الكوميديا الإيطالية التقليدية (Commedia dell'arte) مثل: بانتالون، الطبيب، هارلكوين، كولومبينا، بريغيلا… ولليو، الكاذب بطل المسرحية.

قراءة المقال الكامل على ويكيبيديا ←