ماذا تعرف عن إعدام دون محاكمة في الولايات المتحدة

كان الإعدام دون محاكمة في الولايات المتحدة ظاهرة واسعة الانتشار لعمليات القتل خارج نطاق القضاء التي بدأت في الجنوب إبان الفترة التي سبقت اندلاع الحرب الأهلية أثناء ثلاثينيات القرن التاسع عشر وانتهت خلال حركة الحقوق المدنية في خمسينيات وستينيات القرن العشرين. أضحى نحو أربعة ملايين أمريكي من أصول أفريقية هدفًا رئيسيًا للبيض الجنوبيين بعد إعتاقهم من أغلال العبودية، وذلك على الرغم من انتماء ضحايا الإعدام دون محاكمة لإثنيات مختلفة. بلغت عمليات الإعدام هذه ذروتها في الولايات المتحدة خلال الفترة الممتدة من تسعينيات القرن التاسع عشر حتى عشرينيات القرن العشرين. كانت الأقليات الإثنية الأكثر عرضةً للوقوع كضحايا لعمليات الإعدام دون محاكمة. وقعت معظم عمليات الإعدام في الجنوب الأمريكي لأن معظم الأمريكيين الأفارقة كانوا يعيشون هناك. كذلك شهدت ولايات الغرب الأوسط والولايات الحدودية وقوع عمليات إعدام دون محاكمة والتي ارتكبت بدوافع عنصرية.

استهدفت عمليات الإعدام دون محاكمة الأمريكيين الأفارقة بعد الهجرة الكبرى (نحو عام 1916 - 1970) من الجنوب الأمريكي، وارتكبت غالبًا بهدف فرض سيادة البيض وترهيب الأقليات الإثنية إلى جانب غيرها من أعمال الإرهاب العرقي الأخرى. اتُهم عدد كبير من ضحايا الإعدام دون محاكمة بالقتل أو محاولة القتل. كان الاغتصاب أو محاولة الاغتصاب وغيرها من أشكال الاعتداء الجنسي الأخرى ثاني أكثر تهمة شاع توجيهها إليهم. غالبًا ما استخدمت جميع هذه التهم كذرائع لتبرير تصفية الأمريكيين الأفارقة ممن اتهموا بخرق قواعد السلوك السائدة خلال حقبة جيم كرو أو أولئك الذين انخرطوا في منافسة اقتصادية مع البيض. خلصت إحدى الدراسات إلى أن مجموع ضحايا الإعدام دون محاكمة خلال الفترة الممتدة من عام 1883 حتى عام 1941 بلغ 4,467 شخصًا. كان 4,027 من هؤلاء الضحايا ذكورًا، في حين كان 99 منهم إناثًا، ولم يعرف جنس الـ341 الآخرين (ولكنهم كانوا ذكورًا على الأرجح). بلغ عدد السود من مجموع عدد الضحايا 3,265 شخصًا وبلغ عدد الضحايا البيض 1,082 شخصًا، في حين بلغ عدد الضحايا المكسيكيين أو المنحدرين من أصول مكسيكية 71 شخصًا، وبلغ عدد الضحايا من الأمريكيين الهنود 38 شخصًا وبلغ عدد الضحايا الصينيين 10 أشخاص، بالإضافة إلى ياباني واحد.

كانت أحد التصورات الشائعة المرتبطة بعمليات القتل دون محاكمة في الولايات المتحدة هي أنها اقتصرت على عمليات الشنق التي تميزت ببروزها العام وهو الأمر الذي سهل على المصورين الفوتوغرافيين التقاط صور للضحايا. التقطت صور فوتوغرافية احترافية لبعض عمليات الإعدام هذه ووزعت كبطاقات بريدية لتغدو هدايًا تذكاريةً ذات شعبية في أجزاء عدة من الولايات المتحدة. كذلك اختلفت الطرق التي قُتل فيها الضحايا لتشمل إعدامهم رشقًا بالرصاص أو حرقهم أحياءً أو إلقائهم من أعلى الجسور أو جرهم خلف السيارات وما إلى ذلك. انتُزعت أجزاء من جثث الضحايا وبيعت كتذكارات في بعض الأحيان. لم تنتهي عمليات الإعدام بالموت دائمًا؛ إذ استعملت عمليات الإعدام الكاذبة التي اشتملت على وضع حبال حول أعناق الأشخاص الذين اشتبه بإخفائهم لمعلومات بغية إجبارهم على الإدلاء بـ«اعترافات» قسرية. تراوح حجم حشود الغوغاء التي ارتكبت عمليات الإعدام من بضعة أشخاص وصولًا إلى الآلاف.

عكس انتشار عمليات الإعدام دون محاكمة في أمريكا خلال حقبة ما بعد الحرب الأهلية وفقًا لما ذكره المؤرخ مايكل ج. فايفر انعدام ثقة الناس بالأصول القانونية الواجبة المنوطة بالنظام القضائي الأمريكي. ربط فايفر تراجع عدد الإعدامات خارج نطاق القانون إبان مستهل القرن العشرين بـ«ظهور عقوبة الإعدام الحديثة» معتبرًا بأن «المشرعين بادروا إلى تجديد قوانين عقوبة الإعدام... بدافع قلقلهم المباشر من لجوء الغوغاء إلى أعمال العنف البديلة». كذلك استشهد فايفر بـ«التجاوزات العنصرية لقوات الشرطة الحضرية خلال القرن العشرين وما بعده» على اعتبار أنها تحمل عددًا من سمات الإعدام دون محاكمة.

افتتح النصب التذكاري الوطني للسلام والعدالة في مدينة مونتغمري بولاية ألاباما بتاريخ 26 أبريل عام 2018. جاء تأسيس النصب كجزء من مبادرة العدالة المتساوية التي أطلقتها المدينة. يعد هذا النصب أول نصب تذكاري كبير يوثيق عمليات الإعدام دون محاكمة التي استهدفت الأمريكيين الأفارقة في الولايات المتحدة.

قراءة المقال الكامل على ويكيبيديا ←