كانت مقاطعة يهودا مقاطعةً رومانيةً من عام 6 إلى عام 135 للميلاد، وقد شملت في أوجها مناطق يهودا وأدوم والسامرة والجليل، بالإضافة إلى أجزاء من الساحل الجنوبي لمنطقة بلاد الشام. وقد ضمت في أقصى اتساعها معظم الأراضي الأساسية التي كانت تشكّل مملكة يهوذا السابقة، والتي حكمتها في العقود الماضية كل من السلالة الحشمونية والسلالة الهيرودية. واسم «اليهودية، Judaea» (كما هو الحال مع «يهوذا، Judea») مشتق من مملكة يهوذا «Judah» التي تعود إلى العصر الحديدي، والتي كانت مركزها في منطقة اليهودية.
منذ أن غزت الجمهورية الرومانية منطقة اليهودية عام 63 قبل الميلاد، منهية بذلك حكم الملكية الحشمونية المستقلة، حافظت روما على نظام من التبعية شبه الذاتية في الإقليم. وبعد أن استعاد الحاكم الحشموني أنتيجونوس الثاني متاثياس العرش لفترة وجيزة، أُطيح به على يد هيرودس، الذي عيّنه مجلس الشيوخ الروماني ملكًا على اليهود، وحكم منطقة اليهودية حتى وفاته في عام 4 قبل الميلاد. وفي عام 6 ميلادية، تم دمج المقاطعة رسميًا في الإمبراطورية الرومانية بأمر من الإمبراطور أوغسطس، وذلك عقب التماسٍ من الشعب ضد سوء حكم هيرودس أرخلاوس، ابن هيرودس، الذي حكم من عام 4 قبل الميلاد حتى عام 6 ميلادية. وقد نُقلت العاصمة الإدارية من أورشليم إلى المدينة الساحلية قيصرية ماريتيما.
على مدى العقود الستة التي تلت تأسيس مقاطعة اليهودية، اتّسمت العلاقة بين الأغلبية اليهودية والسلطات الرومانية بالأزمات المتكررة. ومع بدء الحكم المباشر، تسبّب الإحصاء الرسمي الذي أجراه بوبليوس سولبيكيوس كويرينيوس، حاكم سوريا الرومانية، في توتّر كبير وأدّى إلى اندلاع ثورة بقيادة المتمرّد اليهودي يهوذا الجليلي عام 6 ميلادية. ومن أبرز الأحداث الأخرى التي شهدتها المنطقة: صلب يسوع الناصري قرابة عام 30–33 ميلادية، وهو الحدث الذي أدّى إلى نشوء الديانة المسيحية، وكذلك إصدار الإمبراطور كاليغولا عام 37 ميلادية أمرًا بنصب تمثال له في الهيكل الثاني، مما أثار سخطًا شديدًا بين اليهود. وقد شهدت المقاطعة فترة قصيرة من الهدوء في عهد أغريباس الأول (حكم من 41 إلى 44 ميلادية)، الحاكم المحبوب الذي أعاد مؤقتًا شكلًا من أشكال الحكم الذاتي اليهودي برعاية رومانية. غير أنه بعد وفاته، عادت اليهودية—التي كانت تشمل حينها الجليل وبيريا—إلى الحكم الروماني المباشر، وبدأت الاضطرابات تتصاعد تدريجيًا. في السنوات التالية، سعى الأنبياء الشعبيون إلى استقطاب الأتباع، وبدأت جماعة السكّاري في اغتيال المسؤولين، كما أسهم الولاة الفاسدون والوحشيون وعلى رأسهم غيسيوس فلوروس (64–66 ميلادية) في تأجيج التوترات بشكل خطير.
في عام 66 ميلادية، أدّت الاضطرابات في قيصرية، تلتها اشتباكات في أورشليم، إلى إشعال شرارة الحرب اليهودية–الرومانية الأولى. وقد قام الرومان، بقيادة فِسباسيان ولاحقًا ابنه تيطس، بسحق التمرّد بشكل منهجي، ما بلغ ذروته في تدمير مدينة أورشليم وهدم الهيكل الثاني عام 70 ميلادية. وعلى الرغم من هذه الكارثة، تعافى السكان اليهود خلال جيلٍ واحد، لكنهم عادوا ليثوروا عام 132 ميلادية في ثورة بار كوخبا، وذلك ردًّا على خطط الإمبراطور هادريان لإنشاء مستعمرة غير يهودية تُدعى إيليا كابيتولينا على أنقاض أورشليم. وقد تمكّن الثوار مؤقتًا من تأسيس دولة يهودية مستقلة، إلا أنّ الرد الروماني العنيف أدى إلى دمار واسع النطاق وتفريغ شبه كامل لمنطقة اليهودية من سكانها. وفي العام نفسه، دُمجت مقاطعة اليهودية رسميًا مع الجليل ضمن مقاطعة موسّعة أُطلق عليها اسم سوريا الفلسطينية.