الواقعية السياسية (بالألمانية: Realpolitik يُنطق بالألمانية: [ʁeˈaːlpoliˌtiːk]، وتنطق بالعربية: رِي-آلْ-بُو-لِـي-تِيكْ) هي نهج في الدبلوماسية والسياسة يرتكز أساسًا على الاعتبارات العملية والظروف القائمة، بدلاً من الالتزام الصارم بالمبادئ الأيديولوجية أو الأخلاقية أو القيمية. بهذا المعنى، يتشارك هذا النهج مع الواقعية والبراغماتية في الفلسفة السياسية.
في حين يُستخدم مصطلح الواقعية السياسية في الغالب بمعنى إيجابي أو محايد، فإنه قد يُوظَّف أحيانًا بمعنى سلبي للإشارة إلى سياسات تُوصف بأنها قسرية أو غير أخلاقية أو مستندة إلى مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة" كما في النهج الميكافيلي. في هذا السياق، قد تعكس الواقعية السياسية نهجًا براغماتيًا يتعامل مع السياسة بوصفها ساحة مفتوحة للمصالح والقوة، دون إملاءات أخلاقية أو اعتبارات قيمية مسبقة، ما يثير جدلاً حول مدى توافقها مع المبادئ الأخلاقية أو معايير الشرعية الدولية.
من بين الشخصيات البارزة التي تبنّت الواقعية السياسية، نجد أوتو فون بسمارك، الذي وظّفها ببراعة في توحيد ألمانيا عبر استراتيجيات قائمة على الموازنة بين القوة الدبلوماسية والعسكرية، وهنري كيسنجر، الذي جسّد هذا النهج في سياسات الحرب الباردة، مستخدمًا مناورات واقعية لتحقيق توازن القوى بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي. كذلك، اعتمدها كل من جورج بوش الأب وجورج كينان في صياغة السياسة الخارجية الأمريكية، فيما استخدمها زبغنيو بريجنسكي كأداة للتعامل مع التحديات الجيوسياسية خلال الحرب الباردة. أما في أوروبا الغربية، فقد جسّدها هانس-ديتريش غينشر وشارل ديغول في مواقفهما الحذرة من التكتلات الدولية، بينما اعتمدها دينغ شياو بينغ في إصلاحاته الاقتصادية التي نقلت الصين نحو الرأسمالية دون المساس بالقبضة الحديدية للحزب الشيوعي. في جنوب شرق آسيا، كان لي كوان يو مثالًا على الواقعية السياسية في بناء دولة سنغافورة، من خلال مزيج من التخطيط الاستراتيجي، والانفتاح الاقتصادي، والصرامة في وضع السياسات.
على النقيض من الواقعية السياسية، تقوم السياسة المثالية على مبدأ توجيه القرارات والسياسات الخارجية بناءً على قيم أخلاقية ومبادئ سامية، مثل الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والتعاون الدولي، دون الالتفات الحصري إلى المصالح القومية أو موازين القوى. وإذا كانت الواقعية السياسية تبرر أحيانًا انتهاج سياسات "التعامل مع الأمر الواقع"، فإن السياسة المثالية تؤمن بإمكانية تحويل الواقع نفسه من خلال الالتزام بالمُثل العليا. في ضوء هذا التباين، غالبًا ما تكون السياسة الدولية مزيجًا من الواقعية والمثالية، حيث تتجاذب القرارات بين ضرورة الاعتبارات العملية ومتطلبات التوجهات الأخلاقية.