معركة السود أو معركة العبيد كانت صراعًا في القاهرة وقع أثناء صعود صلاح الدين في مصر، في الفترة من 21 إلى 23 آب 1169، بعد انقلابه على الحُكم الفاطمي. كانت المعركة بين أطياف من السود الأفارقة الذين ربما خدم بعضهم في الجيش الفاطمي مع مواطنين ومدنيين مصريين وأرمن وبربر مؤيدين للفاطميين، والقوات السورية السنية الموالية للوزير الفاطمي صلاح الدين. أدى صعود صلاح الدين إلى منصب الوزير، وتهميشه للخليفة الفاطمي العاضد، إلى إثارة استياء النخب الفاطمية التقليدية، بما في ذلك أفواج الجيش، حيث اعتمد صلاح الدين بشكل أساسي على سلاح الفرسان الكردي والأتراك الذين جاءوا معه من سوريا، وبعكس الجيش الفاطمي الذي كان متعدد المذاهب من سنة، وشيعة؛ فقد كان جيش صلاح الدين من السنة الأصولية الذين أملوا في إزالة قرن الشيعة. ووفقًا للمصادر التي تعود إلى العصور الوسطى، والتي تميل إلى صلاح الدين لذلك قد تكون مُتحيزة، فإن هذا الصراع أدى إلى محاولة من مشرف القصر المُسمى مؤتمن الخليفة، للدخول في اتفاق مع الصليبيين ومهاجمة قوات صلاح الدين بشكل مشترك للتخلص منه. وأن صلاح الدين علم بهذه المؤامرة، فأعدم مؤتمن الخليفة في 20 آب. شكك المؤرخون المعاصرون في صحة هذا التقرير، مشتبهين بأنه ربما كان مُختلقًا لتبرير مذبحة وتحرك صلاح الدين اللاحق ضد القوات الفاطمية والمدنيين الموالين لهم.
أثار هذا الحدث انتفاضة قوات الأفارقة السود التابعة للجيش الفاطمي والذين بلغ عددهم 50000 رجل، حيث كان صلاح الدين يُطبق عليهم قبل هذه الحادث بقوات كردية وتركية، وقد انضم إليهم الجنود الأرمن وسكان القاهرة المصريين ومدنيون بربر في اليوم التالي. وقد استمرت الاشتباكات لمدة يومين، حيث هاجم الثوار الفاطميون في البداية قصر الوزير، لكنهم طُردوا إلى الساحة الكبيرة بين القصور الفاطمية الكبرى. وهناك بدا أن الثوار وحلفاؤهم يكتسبون اليد العليا حتى خرج الخليفة الفاطمي العاضد ضدهم علنًا الذي ربما كان خائفًا عليهم وعلى عائلته من السوريين، وفي ذات الوقت أمر صلاح الدين بحرق بيوتهم وربط عائلاتهم فيهم، وقد كانت بيوتات الأفارقة تقع جنوب القاهرة خارج سور المدينة، فلم يعلم الأفارقة بذلك إلا مع صراخ الناجين المحروقين من أهاليهم. مما أدى إلى انكسار الأفارقة السود وانكشاف كامل الثوار الأرمن والبربر والمصريين فتراجعوا جميعًا في حالة من الفوضى إلى الجنوب، حتى حوصروا بالقرب من بوابة باب زويلة، حيث استسلموا وسُمح لهم بعبور النيل إلى الجيزة. وعلى الرغم من وعود السلامة، فقد تعرضوا للهجوم وأبادهم توران شاه (شقيق صلاح الدين)؛ ويعتقد بعض المؤرخين أن عدم إيفاء الأيوبيين بوعودهم ربما كان بسبب خوفهم من انتفاضة أخرى تكون انتقامية شخصية هذه المرة.
كانت هذه الهزيمة للثوار المؤيدين للفاطميين نقطة تحول في تاريخ مصر والعالم الإسلامي، إذ أزالت الدعم العسكري الرئيس للنظام الفاطمي، وعززت مكانة صلاح الدين الأيوبي كحاكم فعلي لمصر. وتُوِّج هذا بفرض الهيمنة السنية على مصر، وملاحقة ضخمة للشيعة ومؤيديهم، وخلع الخلافة الفاطمية في أيلول 1171 م. وأسس صلاح الدين الأيوبي مكانها سلالته الأيوبية. وقد فرّ معظم الناجين من مذبحة عام 1169 م إلى صعيد مصر، حيث انضموا إلى الانتفاضات الفاشلة المؤيدة للفاطميين في السنوات اللاحقة.