المُعْتَزِلِيَّة أو الوَاصِلِيَّة أو الْمُعْتَزِلَة أو التَّوْحِيدِيَّة أو العَدْلِيَّة أو أَهْلُ التَّوْحِيدِ والعَدْل هي مدرسة كلامية إسلامية ظهرت في بدايات التاريخ الإسلامي وازدهرت في البصرة وبغداد. عُرف أتباعها، أي المعتزلة، بحيادهم في النزاع بين علي ومعارضيه بعد وفاة الخليفة الثالث الخليفة عثمان. وبحلول القرن الثالث الهجري، صار مصطلح المعتزلة يُطلق على مدرسة إسلامية معروفة في الكلام، أسس هذه المدرسة واصل بن عطاء. أسست المدرسة المعتزلية نوعا من الإسلام مستندا إلى العقل، تأثر جزئيًا بـ الفلسفة اليونانية القديمة، وتمحور حول ثلاثة مبادئ أساسية:
التوحيد (وحدة الله) والعدل الإلهي
حرية الإرادة الإنسانية
وخلق القرآن.
لعبت المعتزلة دورًا رئيسيًا على المستوى الديني والسياسي. غلبت على المعتزلة النزعةُ العقلية فاعتمدوا على العقل في تأسيس عقائدهم وقدموه على النقل، وقالوا بالفكر قبل السمع، ورفضوا الأحاديث، وقالوا بوجوب معرفة الله بالعقل ولو لم يرد شرعٌ بذلك، وأنه إذا تعارض النص مع العقل قدموا العقل لأنه أصل النص، ولا يتقدم الفرع على الأصل، والحسن والقبح يجب معرفتهما بالعقل، فالعقل بذلك موجبٌ، وآمرٌ وناهٍ، ينتقدهم معارضوهم بأنهم غالوا في استخدام العقل وجعلوه حاكمًا على النص، وبذلك اختلفوا عن الأشاعرة الذين استخدموا العقل وسيلة لفهم النص وليس حاكمًا.
أصبحت معتقدات المعتزلة لاحقًا مرتبطة بـ الخليفة العباسي المأمون. تبنّى المأمون عقيدة خلق القرآن، ما أدى إلى حملة اضطهاد واسعة ضد العلماء السنة الذين رفضوا هذا الرأي. أبرز من عارضهم في ذلك كان أحمد بن حنبل، (مؤسس المدرسة الحنبلية الفقهية والمدرسة الأثرية في العقيدة) الذي قاوم المحنة وثبت على موقفه حتى صار رمزًا سنيًا. ومع أن المأمون وخلفاءه دعموا المعتزلة فترة من الزمن، إلا أن نفوذهم تراجع بشدة بعد عهد المتوكل الذي أنهى سياسة فرض عقائدهم رسميًا، ورفع الاضطهاد عن مخالفيهم.
بعد ذلك، انحسر نفوذ المعتزلة في العالم الإسلامي السني، مع صعود الأشعرية والماتريدية كمدارس عقائدية كبرى في أهل السنة والجماعة.
اشتهر المعتزلة برفضهم عقيدة كون القرآن غير مخلوق وأزلي مع الله، مؤكدين أنه ما دام كلام الله، فلا بد أن الله "قد سبق كلامه". وهذا عارض الموقف السني الشائع (عند الأشاعرة والماتريدية) القائل إن علم الله بالقرآن أزلي، وبالتالي فهو غير مخلوق مثله. كما سعت المدرسة لمعالجة مشكلة الشر، إذ اعتبروا أن الله عادل وحكيم لا يمكن أن يأمر بما يخالف العقل أو بما يضر بمخلوقاته؛ ومن ثم فالشرّ ناتج عن أخطاء أفعال البشر، المرتبطة بـ حرية الإرادة التي منحها الله لهم. وعارض المعتزلة العقلانية غير الدينية، لكنهم آمنوا بأن العقل البشري يمكنه فهم المبادئ الدينية، وأن الخير والشر فئتان عقلانيتان يمكن إثباتهما بـ العقل.
من أشهر المعتزلة واصل بن عطاء، وعمرو بن عبيد، وإبراهيم النظام، وهشام بن عمرو الفوطي، والزمخشري صاحب تفسير الكشاف، والجاحظ، والخليفة المأمون، والقاضي عبد الجبار، وابن أبي الحديد.