إن العرب والشعوب الإسلامية عامة، قد عرفت أشكالا من المسرح ومن النشاط المسرحي لقرون طويلة قبل منتصف القرن التاسع عشر. وإذا مررنا بسرعة على الطقوس الاجتماعية والدينية التي عرفها العرب في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، والتي لم تتطور إلى فن مسرحي، كماحدث في أجزاء أخرى من الأرض، فسنجد ثمة إشارات واضحة على أن المسلمين أيام الخلافة العباسية قد عرفوا شكلا واحدا على الأقل من الأشكال المسرحية المعترف بها وهو: مسرح خيال
الظل. وأقدم إشارة إلى هذه الحقيقة نجدها في كتاب الديارات للشابشتي، حين يذكر الكاتب أن الشاعر دعبل هدد ابنًا لأحد طباخي المأمون بأنه سيهجوه. فرد الابن بدوره قائلا: (والله إن فعلت لأخرجن أمك في الخيال). أي أنه أنذره بأنه سيوحي إلى أحد فناني المخايلة بإظهار صورة أم دعبل بالصور الأخرى التي كان يلعب بها أمام متفرجيه- يظهرها بمظهر يدعو إلى السخرية طبعا.
العباسية قد عرفوا المسرح.