مراسلات الحسين - ماكماهون (الإنجليزية: The McMahon–Hussein Correspondence) سلسلة من الخطابات المتبادلة أثناء الحرب العالمية الأولى وافقت فيها الحكومة البريطانية على الاعتراف باستقلال العرب بعد الحرب في القسم الآسيوي من الوطن العربي -عدا عدن؛ المحميةِ البريطانيةِ وقتذاكَ- في مقابل إشعال الحسين بن علي شريف مكة الثورة العربية بهدف الاستقلال عن الدولة العثمانية.
كان لهذه المراسلات تأثير كبير على تاريخ الشرق الأوسط ما بعد الحرب، كما استمر الجدال فيما بعدُ حول كثيرٍ من النقاطِ كانت فلسطين من أهمها.
تكونتِ المراسلاتُ من عشرة خطاباتٍ متبادَلةٍ في الفترة ما بين 14 تموز/يوليو 1915 إلى 10 آذار/مارس 1916، بين الحسين بن علي شريف مكة والسير هنري ماكماهون المعتمَدِ البريطانيِّ في مصر في الفترة (15-1917). كان السبب الرئيس لاتصال الإنجليز مع الشريف هو مواجهة إعلان السلطان العثماني الجهادَ ضد الحلفاءِ، وضمان الحفاظ على ولاء سبعين مليون مسلمٍ في الهند البريطانية، ومنهم بالأخص أولئك الذين جُنِّدوا في الجيش الهندي وجرى نشر قطعاتهم على مسارح الحرب الرئيسة.
كانتْ منطقة الاستقلالِ العربيةِ تقع ضمن الحدودِ التي بيّنها الشريف الحسين على الرغم من طلب الإنجليز استثناءَ بعض «أجزاءٍ من سوريا» تقع غرب مناطق المدن السورية دمشق وحمص وحماة وحلب مراعاةً لاهتمامات فرنسا بشأنها بوصفها حليفاً رئيساً في الحرب، لكن الشريف أصر عليها. تسببتِ التفسيراتُ المتضاربة لتعبير «أجزاء من سوريا» وغرب المدن المذكورة في خطاب ماكماهون في جدلٍ واسعٍ في السنوات اللاحقة، وأدت إلى نزاعٍ كبيرٍ لايزال حتى اليوم، خاصةً حول مساحة المنطقة الساحلية التي طلب الإنجليز استثناءَها،
واعتبر ماثيو أنها «تبقى المسألةَ المثيرة للجدل في الأدبيات التاريخية -لا سيما في التحليلات المتناقضة لإيلي قدوري من ناحية تبرئة بريطانيا، وجورج أنطونيوس وعبد اللطيف الطيباوي من ناحية إدانتها- على الرغم من أن الأدلةَ على سوء النية البريطانية تبدو واضحةً بما فيه الكفاية»،
وكما عبّر يوجين روغان:
«الرسائل المتبادلة بين السير ماكماهون والشريف حسين هي من بين الموروثاتِ الأكثرِ إثارةً للجدلِ في العلاقات العربية [البريطانية] خلال القرن العشرين». أثرت المراسلات سلباً على العلاقات الدبلوماسية البريطانية-العربية لعقودٍ عدةٍ.
بعد كشْفِ النقاب في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 1917 عن اتفاق سايكس بيكو السري والمعقود في 16 أيار/مايو 1916 والذي اتفقت فيه كلٌّ من بريطانيا وفرنسا على تقاسم الأراضي العربية العثمانية في غرب آسيا، ومن قبل ذلك إعلان تصريح بلفور (الإنجليزية: Balfour Declaration) في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1917 -والذي أعلن تعاطفَ بريطانيا ودعمَها لإقامة وطنٍ لليهود في فلسطين وإنشاء دولةٍ لهم فيها- اعتبر الشريف الحسين والمثقفون العرب كلا الاتفاق والتعهد خرقاً لما جرى الاتفاق عليه في مراسلات الحسين – ماكماهون.
أحدُ النزاعاتِ على التأويل -والمستمرة إلى اليوم- هو حجم ما طلب الإنجليز استثناءَه من الاتفاق من المنطقة الساحلية لبلاد الشام، علماً أن جوابَ الشريفِ الحسين القاطعَ على ذلك كان الإصرارَ على عروبتها وعدمَ استثنائها مهما كلف الأمر (انظر الجدول في الأسفل؛ الخطابين 7 و8). بناءً عليه رفض الحسين التصديقَ على معاهدة فرساي لعام 1919، وكذلك الاستجابةَ لاقتراحٍ بريطانيٍّ عام 1921 بتوقيع معاهدةٍ أنجلو - هاشميةٍ وقبول نظام الانتداب، وصرح بأنه لا يُتوقَّعُ منه «وضعُ اسمه على وثيقةٍ تُسلم فلسطين إلى الصهيونيين، وسوريا "للأجانب"». وبعدما فشلت محاولتان بريطانيتان أخريتان للتوصل إلى معاهدةٍ ثنائيةٍ عامي 23-1924، ومع تعليق المفاوضات في آذار/مارس عام 1924؛ وفي غضون ستة أشهرٍ بعدها سحب البريطانيون دعمهم للشريف الحسين لصالح حليفهم عبد العزيز آل سعود الذي شرع في غزو المملكة الحجازية الهاشمية.
نُشرت مقتطفاتٌ غير رسميةٍ من المراسلات في كانون الثاني/يناير 1923 بواسطة جوزيف ن. م. جيفريز في صحيفة ديلي ميل البريطانية،
ونشرت أجزاءٌ من عدة خطاباتٍ في الصحافة العربية، كما نُشرت المقتطفات مرةً أخرى عام 1937 من قبل لجنة بيل،
ثم نشَرَها كاملةً لأول مرةٍ جورج أنطونيوس في كتابه «يقظة العرب» (الإنجليزية: The Arab Awakening) في العام 1938 بمناسبة الإعلان عن الدعوة لمفاوضاتٍ بشأن فلسطين في «مؤتمر الطاولة المستديرة» في لندن، ونشرها الإنجليز رسمياً عام 1939 تحت عنوان command paper أو Cmd 5957 اختصاراً. رُفعتِ السرية عن المزيد من الوثائق في العام 1964.