الدليل الشامل لـ محمد بن عبد الله بن علي الرشيد

محمد بن عبد الله بن علي الرشيد (المهاد) (1252هـ/1836م - 1314هـ/1897م) خامس حكام إمارة جبل شمر في حائل وأول حاكم من أسرة آل رشيد على نجد وأطولهم مدة في الحكم وهو مهندس سقوط الدولة السعودية الثانية، كان أميرًا للحج قبل توليه الحكم، وبعد أن أعاد الحجاج إلى النجف سنة 1289هـ/1872م، جلب قافلة تموين إلى حائل وفبها من قبيلة الظفير معهم إبلهم ينقلون التموين معه متعهدًا بحمايتهم، مما أثار غضب الأمير بندر الطلال الذي قد أمر بعدم السماح لقبيلة الظفير ولا لقوافلهم بدخول حائل، فأمر بقتلهم جميعًا فاضطر عمه محمد أن يقتله قبل تنفيذ الأمر. ثم تولى الحكم مكانه في إمارة حائل سنة 1289هـ/1872م، واستمر بالحكم إلى أن توفي سنة 1315هـ/1897م فكان حكمه 27 سنة، وكانت إمارته كلها بركة على الناس. بدأ حكمه باستعادة منطقة الجوف التي تمردت بعد مقتل بندر، ثم توسع شمالاً فأخذ وادي السرحان ومد نفوذه إلى تدمر، ثم إقليم حوران حتى وصل بصرى على بعد 70 ميلا من دمشق سنة 1297هـ/1880م.

أما علاقاته بالدولة العثمانية، فكانت قياداتها في الحجاز والعراق متوجسة من طموحاته، وخائفة من تدفق الأسلحة الحديثة إلى جيشه عن طريق الكويت، ومن دعم الإنجليز له رغم نفيه ذلك، ومع ذلك فإنه لم يقطع اتصالاته بالدولة العثمانية، وكان دائمًا ما يرسل إلى السلطان عبد الحميد بخيول أصيلة هدايا لإعلان تبعيته للسلطنة، وكان يرسل جنوده إلى العساكر العثمانية للدعم.

استغل ابن رشيد النزاع بين الأخوين عبد الله وسعود أبناء الإمام فيصل آل سعود، فبدأ يتمدد نحو نجد بدءًا بالقصيم فتحالف مع حسن آل مهنا أمير بريدة سنة 1293هـ/1876م فمنعا عبد الله الفيصل من حصار بريدة، ثم فصلا المجمعة وألحقت لابن رشيد، فحاول محمد بن سعود وقف هذا التمدد ولكنه انهزم في معركة عروى سنة 1300هـ/1883م. ثم تعرض الإمام عبد الله للهزيمة في معركة أم العصافير في 1301هـ/1884م، فدخلت الوشم وسدير تحت حكم ابن رشيد، ولكنه أعادهما إلى الإمام عبد الله بعد أن تصالحا. وفي سنة 1305هـ/1887م استولى أبناء سعود بن فيصل على الرياض وسجنوا عمهم عبد الله الذي استنجد بمحمد بن رشيد، فقدم بجيشه فحاصر المدينة التي استسلمت له شرط خروج أبناء سعود منها، فخرجوا وخرج عبد الله الفيصل من الحبس وهو مريض، فأخذه ابن رشيد معه إلى حائل وأبقى حامية في الرياض بقيادة سالم بن سبهان. ولم يطل الأمد لابن سبهان حتى قتل ثلاثة من أبناء سعود، فتبرأ ابن رشيد من فعلته وعزله، وفي سنة 1307هـ/1889م مرض عبد الله الفيصل في الجبل، فأذن له ولأخيه عبد الرحمن وأسرتيهما بالعودة إلى الرياض، وقد عاهد عبد الله على أن يكون أميرًا في بلاده، ولكنه توفي بعد وصوله الرياض بيومين، فأصبح عبد الرحمن أميرًا للرياض، فأرسل إلى ابن رشيد يطلب منه عزل عامله، فعزل ابن رشيد عامله ولكن عيّن ابن سبهان مكانه.

في تلك اللحظة أضحى الأمير محمد بن رشيد في حائل أقوى حاكم في جزيرة العرب، فهو مستقل تمامًا عن أي نفوذ خارجي حتى من السلطان العثماني، وإن اعترف إسميا بالتبعية له. كما أنه أغنى حاكم في الجزيرة، إذ يبلغ دخله السنوي بين 80-90 ألف جنيه. فرأى المهنا أن ابن رشيد انقلب عليه وبدأ يعامله كأنه تابع له وليس شريك كما في السابق. قيل أن سبب الوحشة هي حول زكاة بعض المناطق التابعة للقصيم، والتي تدفع زكاتها لحسن المهنا، فأرسل ابن رشيد عماله ليأخذوا زكاتها فحصل بينهم وبين عمال حسن المهنا نزاع، فكانت السبب في العداوة بينهما، وكان ذلك سنة 1306هـ/1889م. وبعدها اتصل حسن بن مهنا بزامل السليم أمير عنيزة، حيث اتفقا على التعاون والتناصر، ثم استنجدا بعبد الرحمن الفيصل ضد محمد بن رشيد، وحرضاه على التخلص من ابن سبهان ووعدوه بالنصرة، وفعلا قبض عبد الرحمن عليه وعلى أصحابه وحبسهم، وأرسل إليهما بما عمله وطلب منهما النصرة. فتوجه محمد بن رشيد في محرم 1308هـ/أغسطس 1890م إلى الرياض، فمر بالقصيم فخرج عليه أهلها لصده، ولكنه عللهم بالوعود والعطايا، فنكثوا عهدهم مع ابن سعود. فأكمل ابن رشيد زحفه إلى الرياض، فنزل عيها يوم 5 صفر 1308هـ/19 سبتمبر 1890، وحاصرها أربعين يومًا حتى تصالح معهم على أن يطلق عبد الرحمن الفيصل ابن سبهان وأصحابه، ويطلق ابن رشيد المحتجزين عنده من آل سعود، ويعود إلى دياره.

وبعدها بدأت العلاقات تسير باتجاه التوتر بين ابن رشيد وأهل القصيم، فأرسلوا إلى عبد الرحمن الفيصل يستنجدونه. واستنفر ابن رشيد جميع أتباعه في منطقة جبل شمر في جمادى الأول 1308هـ/ديسمبر 1890م، بل بلغ إحساسه بخطورة الوضع بأن أرسل إلى قبائل شمر الذين كانت تحل في ذلك الوقت علي الضفة اليمنى لنهر الفرات فيما بين كربلاء والبصرة. وهكذا أسرع جميع الرجال القادرين علي القتال الي حائل، ثم اتجه جنوبًا فنزل القرعاء يوم 3 جمادى الآخرة 1308هـ/13 يناير 1891. فدارت في القرعاء معركة انتهت بانتصار أهل القصيم، ولم يستطع ابن رشيد إشراك خيله في المعركة، فارتحل إلى المليداء حيث المحل الواسع لحركة الخيل. فتبعه أهالي القصيم يوم السبت 13 جمادى الآخرة/23 يناير، فوجدوه متحفزًا حيث فاجأهم بهجوم صاعق قتل منهم خلق كثير، وفي مقدمتهم زامل السليم، وأُسِر حسن بن مهنا حيث سُجِن هو وأولاده في حائل وبقي فيها إلى أن توفي سنة 1320هـ/1902م. ولما علم عبد الرحمن بهزيمة أهل القصيم خرج من الرياض، فتولى أخوه محمد بن فيصل مكانه، فأقره ابن رشيد على ذلك. إلا أن عبد الرحمن لم يستكن لذلك، فجمع أنصاره من الجنوب والبادية في 1309هـ/1891م وانضم إليه ابراهيم بن مهنا أبا الخيل أخو حسن، فدخل الرياض سلمًا. ثم ذهب إلى قرية حريملاء، حيث فاجأه فيها ابن رشيد بهجوم مباغت، ففر عائدًا إلى الرياض ثم إلى الأحساء.

شاع بين الناس في وقته أنه القحطاني الذي أشار إليه حديث الرسول لشدة عدله، وأشار الشيخ البسام إلى أن الشيخ علي بن وادي ذكر لابن رشيد عندما قابله سنة 1299هـ/1882م أن أهل العلم في السودان يروون أحاديث القحطاني الذي يسود الناس، وأنهم يترقبون منكم أي ابن رشيد إعلان الجهاد في سبيل الله.

وهو (صاحب مقولة:كل حكم له صوله وجوله .. وحكم غير حكم الله يزول).

قراءة المقال الكامل على ويكيبيديا ←