المجتمع الرأسمالي الحديث هو مصطلح يستخدم لوصف شكل من المجتمع الرأسمالي تضمن فيه الطبقة الرأسمالية من «النخب الجديدة» و«النخب القديمة» المهتمة بتعظيم ثروتها نظامًا سياسيًا يخدم مصالحها ويحميها، الأمر الذي يفضي إلى برز طبقة العمال المأجورين. يستخدم المصطلح عمومًا من قبل مؤرخين للإشارة إلى الانتقال من مجتمع إقطاعي ما قبل حديث إلى مجتمع رأسمالي حديث، مع إجماع بأن إنجلترا برزت كأول مجتمع رأسمالي حديث من خلال الحرب الأهلية الإنجليزية (1642- 1651) والثورة المجيدة (1688 - 1689). يحدد المؤرخون أن الانتقال إلى مجتمع رأسمالي حديث يكون عادة بثورة برجوازية تضمن فيها النخب الصاعدة نظام ديمقراطية تمثيلية، لا ديمقراطية مباشرة، يخدم مصالحها على حساب مصالح الطبقة الأرستقراطية التي كانت حاكمة في السابق، كما حصل خلال الثورة الأمريكية.
تعتمد المجتمعات الرأسمالية الحديثة على إنتاج محسوب وممنهج يختلف عن الرأسمالية المركنتلية التي كانت سائدة في الدول المدن الإيطالية، وتعرف من خلال وجود طبقة عاملة بالأجر تقوم بدور طرف مقابل للطبقة الرأسمالية. وتوصف المجتمعات الرأسمالية الحديثة بأنها شديدة التنافسية وفردانية وتركز على المصالح الخاصة على حساب الرعاية الاجتماعية من خلال إعطاء الأولوية لإنتاج البضائع وتعظيم الربح. وقد حدد الباحثون القوى التي تحافظ على المجتمعات الرأسمالية الحديثة بأنها الدفاع عن الملكية الخاصة والحفاظ على القانون والنظام واستمرار الاستغلال والعجز السياسي للطبقة العاملة بالأجر وتدريب الطبقة العاملة بالأجر في المهام التي يتطلبها عمل المجتمع الرأسمالي الحديث وتعليم الطبقة العاملة بالأجر لكي تستبطن مبادئ الديمقراطية الرأسمالية، غالبًا ما يكون ذلك عن طريق البروباغاندا في الإعلام، وجعل الطبقة العاملة تعتقد أنها مستقلة ذاتيًا وأنها تعيش في مجتمع يحكمه مبدأ المواطنة.
تموضعت المجتمعات الرأسمالية الحديثة ضمن الثقافة الغربية كمرحلة أرقى من التقدم الإنساني أو مرحلة «أكثر تقدمًا» من الأشكال «ما قبل الحديثة» للمجتمع. صورت هذه النظرة بشكل أكثر وضوحًا من خلال الكولونيالية التي أكدت أن السكان الأصليين كانوا ينتمون إلى ثقافات أكثر «بدائية»، ولذلك ينبغي أن يجري استيعابهم ثقافيًا ضمن مجتمعات أكثر «تحضرًا» أو سيواجهون إبادة جماعية (على سبيل المثال «اقتلوا الهنود، أنقذوا الإنسان»). بالنسبة للماركسيين واللا سلطويين وآخرين، يمثل المجتمع الرأسمالي الحديث مرحلة ستفضي في نهاية المطاف إلى بروز شكل مختلف نوعيًا من المجتمع. خلافًا لذلك، يعارض الليبراليون وآخرون التحول البنيوي للمجتمع الرأسمالي الحديث.