ما بعد المادية في علم الاجتماع هي تحويل القيم الفردية من القيم المادية، والفيزيائية، والاقتصادية إلى القيم الفردية الجديدة للاستقلال والتعبير عن الذات.
انتشر هذا المصطلح بفضل العالم السياسي رونالد إنغلهارت في كتابه الصادر عام 1977 تحت عنوان «الثورة الصامتة»، حيث اكتشف أن الثراء الكبير الذي عانت منه أجيال ما بعد الحرب كان يقود البعض منهم إلى اعتبار أمنهم المادي أمرًا مفروغًا منه، وبدلًا من ذلك يولون أهمية أكبر إلى أهداف غير مادية مثل التعبير عن الذات، واستقلال الفرد، وحرية التعبير، والمساواة بين الجنسين، والدفاع عن البيئة. جادل إنغلهارت أنه مع زيادة الرخاء، فإن قيم ما بعد المادية هذه ستزداد تدريجيًا في أوساط المجتمعات الصناعية المتقدمة من خلال عملية إحلال الأجيال.
تعد ما بعد المادية أداة مساعدة في تطوير فهم للثقافة الحديثة. يمكن أخذها في الاعتبار عند الإحالة إلى ثلاثة مفاهيم مادية مميزة. يشير النوع الأول من المادية، وهو النوع الذي يتم الرجوع إليه في كثير من الأحيان عند استخدام مصطلح ما بعد المادية، إلى المادية كنظام قيم متعلق بالرغبة في تلبية الاحتياجات المادية (مثل الأمن، والإعاشة، والمأوى) والتركيز على الكماليات المادية في مجتمع استهلاكي. والمفهوم الثاني هو المفهوم المادي التاريخاني الذي يعتقد به العديد من الاشتراكيين، وعلى الأخص كارل ماركس وفريدريك إنجلز، وكذلك مفهومهم الفلسفي عن المادية الجدلية. أما المفهوم الثالث للمادية يتعلق بالحجة الفلسفية بأن المادة هي الحقيقة الوحيدة الموجودة. ينتمي المفهوم الأول إلى علم الاجتماع، والثاني إلى الفلسفة وعلم الاجتماع معًا، والثالث إلى الفلسفة.
اعتمادًا على أي من المفاهيم الثلاثة المذكورة أعلاه حول المادية تتم مناقشتها، يمكن أن تكون ما بعد المادية عبارة عن: ما بعد مادية أنطولوجية، أو ما بعد مادية وجودية، أو ما بعد مادية أخلاقية، أو ما بعد مادية سياسية-اجتماعية، وتعد الأخيرة هي الأكثر شهرة.