المؤسسية الحديثة هي مدرسة فكرية تركز على تطوير نظرة اجتماعية عن المؤسسات، وطريقة تفاعلها، وتأثيرها على المجتمع. توفر هذه المدرسة طريقة أخرى لرؤية المؤسسات خارج النطاق الاقتصادي التقليدي، إذ تفسر السبب والكيفية التي تظهر بها المؤسسة في سياقٍ معين. ترى النظرة المؤسسية أن المؤسسات تطورت لتصبح متشابهة فيما بينها (التشابك التقابلي) بالرغم من أنها بدأت بطريقة مختلفة، وتدرس تأثيرها على ممثلي المجتمع (الناس، والمنظمات، والحكومة).
تختلف المؤسسية الاجتماعية الحديثة عن علم الاقتصاد المؤسسي الحديث والمؤسسية الحديثة في علم السياسة برغم ارتباطها بها.
تفترض المؤسسية الحديثة أن المؤسسات تعمل في بيئةٍ مفتوحة تضم المؤسسات الأخرى، يطلَق عليها البيئة المؤسسية. تتأثر كل مؤسسة بالبيئة الأكبر (ضغط النظائر المؤسسي). في هذه البيئة، تهدف المنظمات بشكلٍ رئيسي إلى البقاء واكتساب الشرعية. ولفعل هذا، عليها فعل أكثر من مجرد النجاح اقتصاديًا، ينبغي أن تُثبت مشروعيتها في عالم المؤسسات.
تتعامل معظم الأبحاث في مجال المؤسسية الحديثة مع الأثر الهائل للمؤسسات على السلوك الإنساني، عن طريق القواعد والمعايير وأُطر العمل الأخرى. افترضت النظريات السابقة أن المؤسسات تدفع الفرد للتصرف بإحدى طريقتين: إما أن يعزو أهمية قصوى للفوائد (في المؤسسات النظامية، أو كما يُعرَف بمؤسسية الاختيار العقلاني) مثل نظرية الاختيار العقلي، أو ينبع تصرفه من حسّ الواجب ووعيه بما ينبغي عليه فعله (المؤسسات الأخلاقية، أو ما يُطلَق عليه المؤسسية التاريخية). من الإسهامات المهمة أيضًا للمؤسسية الحديثة أنها أضافت نزعة فكرية. تبعًا لوجهة النظر هذه، يتصرف الأفراد انطلاقًا من المفاهيم والمبادئ لا القواعد والفروض الإلزامية.
طبقًا لعالم الاجتماع التنظيمي الشهير ريتشارد سكوت: «تحدث الطاعة في كثير من الظروف لأن أي نمط سلوكي آخر غير وارد، يُتبع الروتين لأنه من المسلمات (مثل الطريقة التي نؤدي بها تلك الأشياء)، فيما يُطلق عليه أيضًا المؤسسية الاجتماعية.
لا يقوم الأفراد باختيارات معينة، أو يرتكبوا أفعالًا ما بسبب خوفهم من العقاب أو محاولتهم الالتزام، كما لا يقومون بها لأنها مناسبة أو لشعورهم بنوعٍ من الالتزام المجتمعي. في الواقع يقومون بكل ذلك -في نظر المؤسسية الحديثة- لأنهم لا يتصورون وجود أي بديل آخر.
في مقالٍ نُشر عام 1990، يصور تيري كارل المؤسسات أنها تلزم التفضيلات والاختيارات السياسية للشعبة العالية من الممثلين في المرحلة الانتقالية. التركيز على الاقتصاد في هذا المقال أمرٌ مضلل، المؤسسات هي السياسة، هي المادة التي تكونها والوسيلة التي تحركها.
وُلدَت المؤسسية الحديثة استجابةً للثورة السلوكية. عندما ننظر للمؤسسات بشكلٍ أوسع باعتبارها منظمات اجتماعية، وبالأخذ في الاعتبار التأثير الذي تحمله على تفضيلات الناس وتصرفاتهم، ابتعدت المؤسسية الحديثة عن جذورها المؤسسية (أو التاريخية بالوصف القانوني الرسمي)، وأصبحت أكثر نظامًا داخل السياسة.