لِيبْيَا أو (رسميًّا: دَوْلَةُ لِيبْيَا)، هي دولة عربية تقع في شمال إفريقيا، يحدُّها البحر المتوسط من الشمال، ومصر شرقاً والسودان إلى الجنوب الشرقي وتشاد والنيجر في الجنوب، والجزائر، وتونس إلى الغرب. وتبلغ مساحتها ما يقرب من 1.8 مليون كيلومتر مربع (700.000 ميل مربع)، وتعد ليبيا رابع أكبر دولة مساحةً في إفريقيا والعالم العربي، وتحتل الرقم 17 كأكبر بلدان العالم مساحةً. كما تحتل المرتبة التاسعة بين عشر دول لديها أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة لبلدٍ في العالم. تُشكل الصحراء نسبة 95% من إجمالي مساحة البلاد. ربع السكان يعيشون إما في طرابلس أو بنغازي.
عاصمة ليبيا هي طرابلس والتي تعد أيضا أكبر مدن البلاد، تقع في غرب ليبيا ويسكنها أكثر من مليون نسمة من إجمالي عدد سكان البلاد الذي يتخطى ستة ملايين نسمة. أما ثاني أكبر مدينة فهي بنغازي، وتقع في شرق ليبيا بعدد سكان يصل إلى 700.000 نسمة.
سجلت ليبيا أعلى مؤشر للتنمية البشرية في إفريقيا ورابع أعلى ناتج محلي إجمالي في القارة لعام 2009، بعد سيشيل وغينيا الاستوائية والغابون، وذلك بسبب احتياطاتها النفطية الكبيرة وتعدادها السكاني المنخفض. ليبيا هي دولة عضو في عدد من المنظمات والتجمعات الإقليمية والدولية من بينها الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، واتحاد المغرب العربي، وجامعة الدول العربية، وحركة عدم الانحياز، ومنظمة التعاون الإسلامي، ومنظمة الدول المصدرة للنفط وكوميسا.
سُكنت ليبيا من قبل البربر منذ العصر البرونزي المتأخر. أسس الفينيقيون مراكز تجارية في غرب ليبيا، فيما أنشأ الإغريق اليونانيون القدماء دول مدن في شرق ليبيا. حُكمت ليبيا لفترات مختلفة من قبل الفرس والمصريين والإغريق قبل أن تصبح جزءًا من الإمبراطورية الرومانية. كانت ليبيا مركزا مبكرًا للمسيحية. بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية احتل الوندال غرب ليبيا حتى القرن السابع الميلادي، حتى وصلت الغزوات والفتوحات العربية ودخل الإسلام. في القرن السادس عشر احتلت الإمبراطورية الإسبانية وفرسان القديس يوحنا مدينة طرابلس، تلاها فترة حكم العثمانيين في 1551. انخرطت ليبيا في حروب الساحل البربري في القرنين الـ18 والـ19 تحت الحكم المستقل للأسرة القرمانلية ليعود الاحتلال العثماني ولينتهي بتوقيع اتفاقية بين العثمانيين وإيطاليا لتبدأ فترة الاحتلال الإيطالي لتصبح مستعمرة ليبيا الإيطالية من 1911 إلى 1943. ومع عقد اتفاقيات من قبل المستعمر الإيطالي لولاية طرابلس الغرب كالاتفاق مع فرنسا بتخلي عن بعض الأراضي من مستعمرتها الجزائرية عام 1919 واتفاق مع السودان الإنجليزي المصري كذلك في عام 1919 واتفاق مع المملكة المصرية عام 1926 بالحد بين البلدين عند خط الطول 25° درجة شرقًا مكونةً حدود ليبيا الدولية الحالية. خلال الحرب العالمية الثانية ليبيا كانت موقعاً هاما للحرب في حملة شمال إفريقيا. وهنا بدأت الكثافة السكانية من الإيطاليين بالانخفاض. أصبحت ليبيا مملكة مستقلة في عام 1951.
في عام 1969، أطاح انقلاب عسكري بالملك إدريس الأول، لتبدأ فترة من التغيير الاجتماعي الجذري. كان معمر القذافي من أبرز قادة الانقلاب، والذي نجح في نهاية المطاف بتركيز السلطة بين يديه بشكل كامل أثناء ما عرفت (بالثورة الثقافية الليبية)، ليظل في السلطة حتى اندلاع الحرب الأهلية الليبية أو ماعرفت باسم ثورة 17 فبراير عام 2011، حيث دُعِمَ الثوار من قبل حلف شمال الاطلسي. منذ ذلك الحين شهدت ليبيا كمًّا من عدم الاستقرار والعنف السياسي والتي أثّرت بشدة على كل من الاقتصاد وإنتاج النفط. كما أصبحت ممرًا رئيسيًّا لما يعرف بالهجرة غير الشرعية عن طريق شبكات الإتجار بالبشر التي تستغل اللاجئين الفارين من الحروب في إفريقيا والشرق الأوسط إلى أوروبا وهو ما دفع الاتحاد الأوروبي لإجراء عمليات بحريّة قرب السواحل الليبية للحد منها.
تتصارع على الأقل جهتان رئيسيتان على حكم ليبيا، ففيما اعتبر مجلس النواب والحكومة المؤقتة التابعة له دوليا كجهة وحكومة شرعية في البلاد، لكن ليس لديه سلطة على العاصمة والمناطق المحيطة بها، عوضاً عن ذلك يجتمع في طبرق في أقصى شرق البلاد. وفي الوقت نفسه، زَعَم المؤتمر الوطني العام الجديد استمرار وجوده القانوني كمُكمّل المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته والذي جرى حله بعد انتخابات يونيو 2014 ولكنه عاود الانعقاد من قبل أقلية من أعضائه. وظل هذا الوضع حتى توقيع اتفاق سياسي عُرف باسم اتفاق الصخيرات في المغرب.
أعلنت المحكمة العليا في طرابلس والمؤتمر الوطني العام أن مجلس النواب الليبي المنعقد في طبرق (غير دستوري) وكذلك الحكومة المؤقتة المنبثقة عنه في نوفمبر 2014، ولكن الحكومة المعترف بها دوليا رفضت الحكم الذي أعلن أنه تم تحت التهديد بالعنف.
أجزاء من ليبيا هي خارج سيطرة أيًّا من الحكومتين، حيث تقوم بعض الميليشيات القبلية والإسلاميين والمتمردين بإدارة بعض المدن والمناطق. قامت الأمم المتحدة برعاية محادثات السلام بين الفصائل المتمركزة في طبرق وطرابلس. تم توقيع إتفاقية لتشكيل حكومة مؤقتة موحدة في 17 ديسمبر 2015، وبموجب شروط الاتفاق، فإن مجلس الرئاسة مكون من تسعة أعضاء فيما الحكومة المؤقتة والتي أطلق عليها اسم حكومة الوفاق الوطني، تشكل من 17 وزيراً، بهدف إجراء انتخابات جديدة في غضون سنتين.
في 5 أبريل 2016 وصل أعضاء الحكومة الجديدة إلى طرابلس. لكن ظل الخلاف قائمًا بخصوص بعض بنود الاتفاق ليظل الانقسام السياسي والمؤسساتي في البلاد بحكومتين هما الحكومة الليبية المؤقتة في البيضاء بدعم من مجلس النواب في طبرق والمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني ذات الشرعية الدولية في طرابلس.