الليبرالية المضمَّنة مصطلح يشير إلى النظام الاقتصادي العالمي والتوجه السياسي المرتبط به، الذي كان قائمًا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى سبعينيات القرن العشرين. أُقيم هذا النظام لدعم خليط من التجارة الحرة مع احتفاظ الحكومة بحرية تعزيز رفاه مواطنيها وتقنين أنظمتها الاقتصادية لتقليل البطالة. كان عالم السياسة الأمريكي جون روغي أول من استعمل هذا المصطلح عام 1982.
يصف جمهور العلماء الليبرالية المضمنة بأنها حل وسط بين هدفين مرغوبين ولكن متضادّين جزئيًّا. أول هدف هو إحياء التجارة الحرة. قبل الحرب العالمية الأولى، شكلت التجارة العالمية جزءًا كبيرًا من الناتج الإنتاج المحلي حول العالم، ولكن النظام الليبرالي الكلاسيكي الذي كانت تقوم عليه أضرّته الحرب والكساد الكبير في ثلاثينيات القرن العشرين. والهدف الثاني كان السماح للحكومات الوطنية بحرية تقديم برامج الرفاه الكريمة والتدخل في أنظمتها الاقتصادية للحفاظ على العمالة التامّة. اعتُبر هذا الهدف الثاني منافرًا للعودة التامة إلى نظام السوق الحرة الذي كان موجودًا في أواخر القرن التاسع عشر، والسبب الأساسي في هذا هو أن سوق رأس المال العالمية إذا كانت حرة، استطاع المستثمرون بسهولة أن يسحبوا أموالهم من البلاد التي تحاول تطبيق سياسات تدخلية وتوزيعية.
تجسّدت التسوية الناتجة في نظام بريتون وودز، الذي أُطلق في نهاية الحرب العالمية الثانية. كان النظام ليبراليًّا من جهة أنه يهدف إلى إنشاء نظام مفتوح للتجارة العالمية للبضائع والخدمات، وأراد تسهيل هذا بتقديم معدلات مقايضة شبه ثابتة. ولكن هذا النظام هدف أيضًا إلى تضمين قوى السوق في إطار تستطيع فيه الحكومات الوطنية تقنينه، وتستطيع التحكم بتدفق الدخل الدولي من خلال قوانين نقل رؤوس الأموال. أُنشئت مؤسسات عالمية متعددة الأطراف لدعم هذا الإطار الجديد، منها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
عندما صكّ روغي مصطلح الليبرالية المضمنة، كان يبني على عمل سابقه كارل بولانيي، الذي بيّن مفهوم انفصال الأسواق عن المجتمع في القرن التاسع عشر. مضى بولانيي قدمًا ليقترح أن تكون إعادة تضمين الأسواق وظيفة مركزية للحكّام في النظام العالمي بعد الحرب، وبدأ العمل بهذه الفكرة بالعموم نتيجةً لمؤتمر بريتون وودز. في خمسينيات القرن العشرين وستينياته، ازدهر الاقتصاد العالمي تحت الليبرالية المضمنة، وكان نموه أسرع من ذي قبل، ولكن النظام تدهور في السبعينيات.