كوخي أو دير كاني،او كرسي كوخي، موقع مقر بطريرك كنيسة المشرق. وهي واحدة من اقدم الكنائس الأثرية في بلاد ما بين النهرين، أسست على يد متلمذ المشرق مار ماري في القرن الاول الميلادي. وموضعها بالتحديد الى الجنوب من بغداد في منطقة المدائن عاصمة الفرثيين، التي كان سكانها اشد الناس تمسكاً بالوثنية.وبعد ان وصل ماري وتلاميذه إلى سلوقية، بالقرب من سلمان باك، واجهد نفسه كثيراً قبل ان يتمكن من كسب الناس لدعوته، وتوصل الى هدم معبد الأصنام خارج سلوقية، في الموضع المسمى كوخي، وشيد مكانه كنيسة صغيرة وأقام لها كهنة وشمامسة، واسس في الموضع مدرسة سلم ادارتها الى احد تلاميذه.
والكنيسة بالاحرى كانت مكونة من كنيستين، السفلى كانت مشيدة من اللبن، اما العليا كانت مبنية من اللبن المفخور التي شيدها (مار ابا الكبير) ويذكر المؤرخون ان القديس ماري هو احد تلامذة القديس توما الرسول الذي كان من تلامذة المسيح، وقد كان من ابرز الذين قاموا بنشر المسيحية في بلاد الرافدين خصوصا، حيث اقام في المنطقة في القرن الاول للميلاد.
اكتسبت كنيسة كوخي على مر الايام اهمية كبيرة، فقد تحولت الى مقر رئيس كنيسة المشرق والذي كان يحمل لقب الجاثليق قبل ان يصبح البطريرك في القرن الخامس، وعرفت حينها بأسم "كرسي كوخي".ومنذ زمن بعيد كان يربط تاريخ كنيسة مار ماري بكاتدرائية كوخي الواقعة بالقرب من عاصمة البارثيين (الفرثيين) آنذاك قطسيفون، ويظهر ذلك في الفترة العباسية لدى نقل مركز الكنيسة إلى بغداد فكانت من عادة البطاركة بعد انتخابهم الحج إلى قبر مار ماري في كوخي للتبرك. كما يلاحظ كذلك أن أنافورا (تقدمة القربان إلى الله) الرسولين أدي وماري تعتبر أقدم جزء ليتورجي في جميع الكنائس المسيحية لا يزال يستخدم حتى الآن.
ومما ورد ايضاً في تاريخ هذه الكنيسة انها سميت مدينة كوخي السريانية بإسم سيلوسيا اليونانية القديمة ، التي أسسها سيليوكوس الأول رفيق الإسكندر الأكبر. في ملتقى التأثيرات الهلنستية والفارسية ، شكّل ظهور وتطور المسيحية في كوخي الناطقة باللغة السريانية ثورة ثقافية كبيرة.
كانت كوخي المقر البطريركي للكنيسة الشرقية من عام 310 حتى 780 ، ونقطة الانطلاق للعديد من مهام التبشير إلى بلاد فارس والهند والصين ، قبل قرون من ظهور البعثات الكاثوليكية والبروتستانتية في الشرق.
تبقى لكوخي مكانة روحية عالية حيث لا تزال أنقاض المبنى مرئية بالإضافة إلى وجود عشرين مقبرة لرؤساء الكنائس (الكاثوليكوس).ان توسع كنيسة المشرق كان كبيراً جداً، بحيث بلغ عدد أبرشياتها الأسقفية على مدى عدة قرون نحو 250، توحدها أبرشيات مطرافوليطية بلغت 23، يرأسها جاثليق بطريرك يجلس عادة في كنيسة كوخي العظمى،غير بعيدة عن سلوقية وطيسفون وبابل القديمة وبغداد دار السلام.وكان الكرسي قديماً في المدائن (سلوقية-طيسفون-كوخي)، وسكن بطاركة كنيسة المشرق بغداد منذ عهد مار طيمثاوس الكبير (780 -823) حتى سنة 1294، ثم نقل الكرسي إلى اماكن أخرى، ثم عاد بطاركة الكلدان رسمياً إلى بغداد عام 1960.