قورينا (وتُنطق أحيانًا كيريني) كانت مستعمرة يونانية قديمة ثم مدينة رومانية تقع قرب مدينة شحات الحالية في شمال شرقي ليبيا ضمن منطقة برقة. كانت قورينا جزءًا من خماسية برقة، وهي اتحاد لخمسة مدن هامة، ومنها اشتُق اسم الإقليم التاريخي برقة.
تقع قورينا على مرتفعات الجبل الأخضر، وتغطي آثارها الأثرية عدة هكتارات، وتضم معابد ضخمة، وستوا، ومسارح، وحمّامات، وكنائس، ومساكن فخمة. تُحيط بالمدينة مقبرة قورينا. أدرج الموقع ضمن قائمة مواقع التراث العالمي منذ عام 1982. وكان ميناؤها أبولونيا (مرسى سوسة)، ويقع على بُعد حوالي 16 كم شمالًا.
وفقًا للتقليد الإغريقي، نُسب تأسيس المدينة إلى الإله أبولون والبطلة الأسطورية قورينا، غير أن المؤرخين يرجحون أن تأسيسها الحقيقي كان على يد مستوطنين من ثيرا (سانتوريني الحالية) في أواخر القرن السابع قبل الميلاد. حُكمت المدينة أولًا من قبل سلالة ملوك تُعرف باسم الباتِّيّين، الذين ازدهروا بفضل موجات الهجرة المتتالية وتصدير الخيول ونبتة السيلفيوم الطبية. وبحلول القرن الخامس قبل الميلاد، بسطت نفوذها على المدن الأخرى في برقة.
كانت مركزًا لمدرسة الفلسفة القورينائية، التي أسسها أرستيبوس، أحد تلامذة سقراط، في القرن الرابع قبل الميلاد. خلال الحقبة الهلنستية، تعاقب عليها حكم مملكة البطالمة، كما كانت عاصمة لمملكة مستقلة لفترة من الزمن، وكانت كذلك مركزًا مهمًا للجالية اليهودية.
في عام 96 ق.م، أصبحت جزءًا من الجمهورية الرومانية، ضمن مقاطعة كريت وبرقة. في عام 115م، دُمِّرت المدينة خلال ثورة الشتات اليهودية، وأعيد إعمارها ببطء على مدى القرن التالي. تعرّضت لزلزالين مدمرين في عامي 262 و365م، لكن بقي فيها بعض السكان حتى الفتح الإسلامي للمغرب سنة 642، ثم هُجرت حتى أنشأت القوات الإيطالية قاعدة عسكرية في الموقع سنة 1913، ومنذ ذلك الوقت بدأت أعمال التنقيب الأثري.