قبرص الشمالية أو رسميًا جمهورية شمال قبرص التركية (بالتركية: Kuzey Kıbrıs Türk Cumhuriyeti) هي دولة جزرية ذات اعتراف محدود بحكم الأمر الواقع تضم الثلث الشمالي من جزيرة قبرص في شرق البحر الأبيض المتوسط غرب آسيا. ولا تعترف بها سوى تركيا، وهي ذات أغلبية سكانية من القبارصة الأتراك. تعد دولة مستقلة، لا تعترف باستقلاله أية دولة أو مؤسسة دولية، ما عدا تركيا، حيث يعتبرها المجتمع الدولي إقليمًا تابعًا لجمهورية قبرص تحت الاحتلال العسكري، فتدير جمهورية شمال قبرص علاقاتها الخارجية بوساطة تركيا. كذلك يرتبط اقتصاد الجمهورية بالاقتصاد التركي بشكل كامل حيث تستعمل العملة التركية كعملتها الرسمية.
تطمح جمهورية قبرص باستعادة الأراضي الخاضعة لسيطرة جمهورية شمال قبرص التركية، ولكن رغم اعتراف المجتمع الدولي بسيادة جمهورية قبرص على جميع أراضي جزيرة قبرص، فشلت كل المحاولات الدولية لتوحيد الجزيرة من جديد. مع ذلك، يبدو أن هناك انخفاض في حالة التوتر بين الجمهوريتين إذ قرر الجانبان في أبريل 2003 افتتاح 3 معابر على خط الهدنة الفاصل بينهما.
تمتد أراضي الجمهورية على مساحة 3,335 كم مربعا، أي ثلث من مساحة جزيرة قبرص تقريبا، ويبلغ عدد سكانها ما يقرب 476,214 نسمة وفق إحصاء عام 2023. وتمتد جمهورية شمال قبرص من رأس أبوستولوس أندرياس (طرف شبه جزيرة كارباس) في الشمال الشرقي إلى خليج مورفو في الشمال الغربي، مع رأس كورماكيتس في أقصى نقطة غربية وهي منطقة كوكينا المستحاطة غرب البر الرئيسي. إلى أقصى نقطة في الجنوب عند قرية لوروجينا، وتمتد المنطقة العازلة التي تسيطر عليها الأمم المتحدة (الخط الأخضر) حاجزًا ليفصل بين قبرص الشمالية وباقي الجزيرة وتمر عبر مدينة نيقوسيا، أكبر مدينة في الجزيرة وعاصمة كلا الجانبين مقسمِا اياها لشطرين.
تم الإعلان عن إنشاء جمهورية شمال قبرص التركية في 15 نوفمبر 1983، ولكنها نشأت فعلا في سنة 1975 إثر الاجتياح العسكري التركي لقبرص وسيطرتها على الجزء الشمالي من الجزيرة. وجاء التدخل العسكري التركي في أعقاب أزمة حادة في العلاقات بين المجتمعين اليونانية والتركية في قبرص انتهت بانقلاب عسكري قاده عناصر من القبرصيين اليونانيين.
أهم مدن الجمهورية هي كيرينيا (أو بالتركي: غرنه)، يعتمد اقتصادها على السياحة والزراعة والدعم المالي الآتي من تركيا.
كان انقلاب عام 1974 إحدى محاولات ضم الجزيرة إلى اليونان، ما دفع تركيا إلى غزو قبرص. أدى ذلك إلى إخلاء معظم القبارصة اليونانيين منازلهم في الشمال، واندلاع القتال مع القبارصة الأتراك في الجنوب، وتقسيم الجزيرة الذي انتهى بإعلان الاستقلال الأحادي للجزء الشمالي عام 1983. تعتمد قبرص الشمالية بشدة على تركيا من النواحي الاقتصادية والسياسية والعسكرية جراء غياب الاعتراف العالمي باستقلالها.
فشلت المساعي الهادفة إلى حل النزاع القبرصي. يحتفظ الجيش التركي بقوة عسكرية كبيرة في قبرص الشمالية. تدعم حكومة قبرص الشمالية التركية وجود تلك القوات، لكن جمهورية قبرص والاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي يعدّها قوة احتلال، واستُنكر وجودها في العديد من قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
قبرص الشمالية جمهورية ديمقراطية ذات نظام شبه رئاسي، إرثها الثقافي متنوّع التأثيرات، ويهيمن قطاع الخدمات على اقتصادها. شهد اقتصاد قبرص الشمالية نموًا في العقدين الأول والثاني من القرن الحالي، وازداد الدخل القومي الإجمالي بمعدل 3 مرات مما كان عليه في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لكن هذا النمو يعيقه الحظر الدولي المفروض على قبرص الجمالية جراء الإغلاق الرسمي للموانئ على يد جمهورية قبرص. اللغة الرسمية هي التركية، لكن اللهجة المحكية متميّزة عن التركية. يؤلّف المسلمون السنة الأغلبية العظمى من السكان، لكن الاتجاهات الدينية معتدلة وعلمانية. حصلت قبرص الشمالية على صفة مراقب في منظمة التعاون الاقتصادي ومنظمة التعاون الإسلامي، تحت اسم «دولة قبرص التركية»، وهي عضو بصفة مراقب في الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا تحت اسم «المجتمع القبرصي التركي».