مقاطعة فلاندر، هي واحدة من أقوى الكيانات السياسية في الأراضي المنخفضة في العصور الوسطى، تقع على ساحل بحر الشمال في ما يُعرف اليوم ببلجيكا وشمال شرق فرنسا. وعلى عكس الدول المجاورة مثل برابانت وهينو، كانت فلاندر ضمن أراضي مملكة فرنسا. وقد حكم كونتات فلاندر أقصى الشمال من المملكة، وكانوا من بين الاثني عشر نظيرًا الأصليين لفرنسا. ولسنوات طويلة جعل النشاط الاقتصادي في مدن الفلاندر، مثل غنت وبروج وإيبر، المنطقة واحدة من أكثر الأقاليم ثراءً في أوروبا، كما منحها علاقات دولية قوية مع شركاء التجارة.
حتى عام 1477، كانت المنطقة الأساسية الخاضعة لسيادة فرنسا تقع غرب نهر شيلدت، ويُطلق المؤرخون على هذه المنطقة اسم فلاندر الملكية. وإلى جانب ذلك، كان الكونتات منذ القرن الحادي عشر يحكمون أراضي شرق النهر كإقطاع تابع لـ الإمبراطورية الرومانية المقدسة، وتعرف هذه المنطقة بـ فلاندر الإمبراطورية.
بدءًا من عام 1384، اتحدت المقاطعة سياسيًا مع دوقية بورغونيا، وشكّل ذلك نقطة الانطلاق لمزيد من التوسعات في المنطقة ولإنشاء الأراضي المنخفضة البورغندية. وقد أدت توسعات القوة الفلمنكية (البورغندية) عميقًا داخل أراضي الإمبراطورية الرومانية المقدسة إلى تعقيد العلاقة بين فلاندر وفرنسا، لكنها في الوقت ذاته عززت الروابط مع برابانت وهينو وهولندا وأقاليم أخرى من الأراضي المنخفضة. وقد تعزز هذا الارتباط أكثر عندما آلت الأراضي المنخفضة البورغندية عام 1477 إلى أسرة هابسبورغ الإمبراطورية. وأصبحت معظم فلاندر جزءًا من الإمبراطورية عقب صلح مدريد عام 1526 وصلح السيدات عام 1529، على الرغم من أنها أصبحت تحت التاج الإسباني الهابسبورغي. وتجدر الإشارة إلى أن أراضي المقاطعة القديمة هي الآن الجزء الوحيد من المملكة الفرنسية في العصور الوسطى الذي يقع خارج حدود فرنسا الحديثة، بعد أن تخلّت فرنسا عن كتالونيا في عام 1258.
بحلول عام 1795، ضمّت فرنسا، في ظل الجمهورية الفرنسية الأولى، كامل هولندا النمساوية (التي خلفت هولندا الإسبانية)، وتم الاعتراف بذلك بموجب معاهدة عام 1797. وبعد معركة واترلو عام 1815، انتقلت هذه الأراضي، بما في ذلك معظم مقاطعة فلاندر القديمة، إلى المملكة المتحدة الجديدة لهولندا، التي انقسمت ما بين 1830 و1839 إلى الدول الحديثة: بلجيكا ولوكسمبورغ وهولندا. وعلى الرغم من أن الجمهورية الفرنسية كانت قد تجنبت استخدام أسماء المقاطعات الإقطاعية الكبرى في تقسيماتها الإدارية (الأقاليم)، فإن الأنظمة الهولندية والبلجيكية أعادت إحياء هذه الأسماء. ونتيجة لذلك، تحمل المقاطعتان الغربيتان في إقليم فلاندر الحديث في بلجيكا الآن اسمي فلاندر الغربية وفلاندر الشرقية.