الفعل كلمة تدل على حدث مقترن بزمن. فأقسامه ثلاثة فعل ماضٍ، فعل مضارع، فعل أمر. فإذا قلنا: فهِمَ الطالبُ. سافرَ الرَّحالة. رجعَ الغائب. فإنَّ كل كلمةٍ من الكلمات: "فهِمَ"، "سافَرَ"، "رجَعَ"، تدلُّ بذاتها دونَ حاجةٍ لكلمةٍ أخرى، على أمرين أولهما: المعنى العقلي الذي توحي به الكلمة، وهوَ: الفهم، أو السفر، أو الرجوع، وهذا يُسمّى الحدث، وثانيهما: الزمنُ الذي حصلَ فيه ذلك الحدث، وهنا فإنَّ الحدث قد انتهى قبل النطق بتلك الكلمة، فهو إذن زمنٌ قد فاتَ، وانقضى قبلَ الإخبار عنه.
فإذا بدلنا صيغة تلك الكلمات، وقلنا: "يفهمُ"، "يُسافرُ"، "يرجِعُ"، فإنَّ الدلالةَ تكون على ذاتِ الأمرينِ معاً، غيرَ أنَّ الزمن لم يفت ولم ينقضِ، وإنّما هوَ زمنٌ يحتملُ حصول الحدث الآنَ أثناء الإخبار عنه، أو الاستقبال، أي حصول الحدث بعد الإخبار عنه في الحاضر.
فإذا بدلنا الصيغة مرة أخرى، فقلنا: "اِفهَمْ"، "سافِرْ"، "اِرجِعْ"، دلَّت الكلمات على ذات الأمرينِ أيضاً، الحدث والزمن، لكن الزمن هنا هو المستقبلُ فقط، إذ لا يمكن أن يتحقق الطلبُ إلا بعد انتهاءِ الطلب.