فُطْر (الجمع: فُطْريات أو فطور) (بالإنجليزية: Fungi)، هو أي كائن حي ينتمي إلى مجموعة الكائنات الحية حقيقية النواة التي تشمل الكائنات المجهرية مثل الخمائر والعفن، بالإضافة إلى الأنواع الأكثر شهرة مثل عيش الغراب. تُصنَّف هذه الكائنات ضمن إحدى الممالك التقليدية لحقيقيات النوى، إلى جانب مملكة الحيوانات، ومملكة النباتات، وأحيانًا مملكة الطلائعيات أو الأوليات والكروميستا.
من الخصائص التي تميز الفطريات عن النباتات والبكتيريا وبعض الطلائعيات احتواء جدرانها الخلوية على مادة الكيتين. تتشابه الفطريات مع الحيوانات في كونها كائنات غيرية التغذية، حيث تحصل على غذائها من خلال امتصاص الجزيئات الذائبة، غالبًا عبر إفراز إنزيمات هاضمة في البيئة المحيطة. الفطريات لا تقوم بعملية البناء الضوئي. وسيلة الحركة لديها هي النمو، باستثناء الأبواغ التي قد تكون مزودة بأهداب وتنتقل عبر الهواء أو الماء. تُعد الفطريات المُحلِّلات الرئيسية للمواد العضوية في الأنظمة البيئية.
هذه الفروق وغيرها تضع الفطريات في مجموعة واحدة من الكائنات ذات الصلة الوثيقة، تُسمى الفطريات الحقيقية، والتي تشترك في سلف مشترك (أي أنها مجموعة أحادية النشوء)، وهو ما تؤكده الدراسات الوراثية الجزيئية الحديثة. تتميز هذه المجموعة عن الكائنات الشبيهة بها شكليًا مثل العفن الغروي والعفن المائي. ويُعرف العلم الذي يختص بدراسة الفطريات باسم علم الفطريات، المشتق من الكلمة اليونانية "μύκης" (mykes) وتعني "فطر". في الماضي، كان علم الفطريات يُعتبر فرعًا من علم النبات، إلا أنه أصبح من المعروف الآن أن الفطريات ترتبط وراثيًا بالحيوانات أكثر من ارتباطها بالنباتات.
تنتشر الفطريات في جميع أنحاء العالم، وغالبًا ما تكون غير ملحوظة بسبب صغر حجم بنيتها أو أسلوب حياتها الخفي في التربة أو على المواد العضوية الميتة. تشمل الفطريات كائنات متكافلة مع النباتات أو الحيوانات أو حتى فطريات أخرى، بالإضافة إلى كائنات طفيلية. وقد تصبح الفطريات واضحة للعيان عند تكوين الأجسام الثمرية، سواء على شكل فطر مثمر أو عفن. تلعب الفطريات دورًا أساسيًا في تحلل المواد العضوية، ولها أدوار جوهرية في دورات العناصر الغذائية وتبادلها في البيئة.
استخدم الإنسان الفطريات منذ زمن طويل كمصدر مباشر للغذاء (مثل الفطر والكمأ)، وكعامل تخمير لصناعة الخبز، وفي تخمير العديد من المنتجات الغذائية مثل النبيذ والبيرة وصلصة الصويا. ومنذ أربعينيات القرن العشرين، استُخدمت الفطريات في إنتاج المضادات الحيوية، وفي السنوات الأخيرة، استُخدمت الإنزيمات الفطرية صناعيًا وفي صناعة المنظفات. تُستخدم بعض الفطريات أيضًا كمبيدات حيوية لمكافحة الأعشاب الضارة وأمراض النباتات والآفات الحشرية. تنتج العديد من الأنواع مركبات نشطة بيولوجيًا تُعرف باسم السموم الفطرية، مثل القلويات والبوليكيتيدات، وهي سامة للحيوانات بما في ذلك الإنسان. تحتوي الأجسام الثمرية لبعض الأنواع على مركبات نفسية التأثير وتُستهلك لأغراض ترفيهية أو في الطقوس الروحية التقليدية. يمكن للفطريات أن تحلل المواد المصنعة والمباني، وتصبح مسببات أمراض هامة للإنسان والحيوان. وقد تؤدي خسائر المحاصيل بسبب الأمراض الفطرية (مثل مرض خذروفة الأرز) أو فساد الأغذية إلى تأثير كبير على إمدادات الغذاء والاقتصادات المحلية.
تضم مملكة الفطريات تنوعًا هائلًا من الأصناف ذات البيئات والاستراتيجيات الحياتية والأشكال المتنوعة، بدءًا من الكيتريدات المائية وحيدة الخلية إلى الفطر المثمر الكبير. ومع ذلك، لا يزال القليل معروفًا عن التنوع الحيوي الحقيقي للفطريات، حيث يُقدَّر عدد الأنواع بين 2.2 مليون و3.8 مليون نوع، لم يُوصَف منها سوى نحو 148,000 نوع فقط، مع أكثر من 8,000 نوع معروف بأنها ضارة بالنباتات، وما لا يقل عن 300 نوع يمكن أن تكون ممرضة للإنسان.
منذ الأعمال التصنيفية الرائدة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر لكارل لينيوس وكريستيان هندريك بيرسون وإلياس ماغنوس فريس، جرى تصنيف الفطريات استنادًا إلى شكلها الظاهري (مثل لون الأبواغ أو الصفات المجهرية) أو خصائصها الفسيولوجية. وقد مهدت التطورات في علم الوراثة الجزيئية الطريق لتحليل الحمض النووي في التصنيف، وهو ما أدى أحيانًا إلى تحدي التصنيفات التاريخية المعتمدة على الشكل أو السمات الأخرى. وساعدت الدراسات الوراثية المنشورة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين في إعادة تشكيل التصنيف داخل مملكة الفطريات، التي تُقسَّم حاليًا إلى تحت مملكة واحدة، وسبع شعب، وعشر تحت شعب.