وقع الاختلاف في خراسان بين العدنانية والقحطانية في عام 126هـ/744 وأظهر جديع بن علي الكرماني الخلاف مع والي خراسان نصر بن سيار التابع للدولة الأموية. وكان سبب الاختلاف أن نصر رأى الفتنة قد ثارت فرفع ما في بيت المال وأعطى الناس بعض أعطياتهم ورقاً وذهباً، والتي كان قد جمعها لتسليمها للخليفة الأموي الوليد بن يزيد قبل مقتلة، فطلب الناس منه العطاء وهو يخطب، فقال نصر: إياي والمعصية! عليكم بالطاعة والجماعة، وغضب نصر وقال: ما لكم عندي عطاء. ثم قال: كأني بكم وقد تبع من تحت أرجلكم شر لايطاق، وكأني بكم مطرحين في الأسواق كالجزر المنحورة، إنه لم تطل ولاية رجل إلا ملوها، وأنتم يا أهل خراسان مسلحة في نحور العدو، فإياكم أن يختلف فيكم سيفان، وإني وإياكم كما قيل:
وزاد الخلاف بين بين القبائل العربية في خراسان بعد امتناع نصر بن سيار الكناني عن تسليم عمله كوالي لخراسان للوالي الجديد الذي أرسله والي العراق منصور بن جمهور الكلبي. واستغل الوضع جديع بن علي الكرماني من كبير زعماء قبيلة الأزد القحطانية في خراسان والذي كان يطمع بإمارة خراسان، فاندلعت الفتنة بين قبائل المضرية بزعامة نصر بن سيار الكناني، واليمانية بزعامة جديع الكرماني ومن انضم إليه من قبائل ربيعة، وخاف نصر قدوم الحارث بن سريج عليه في حلفائة من الأتراك، فيكون أشد عليه من جديع الكرماني، وكان الحارث قد أعلن ثورته سنة 116هـ، وعندما هزم سنة 119هـ انضم إلى خاقان الترك في حربه ضد أسد بن عبد الله القسري والي خراسان السابق، وبقي الحارث في بلاد الترك حتى سنة 126هـ/744 عندما أخذ له نصر بن سيار الأمان من الخليفة الوليد بن يزيد، وعاد الحارث إلى خراسان عام 127هـ/745، وأقام في مرو الروذ، وعندما تولى الخلافة مروان بن محمد بايعه نصر بن سيار، وأقرّه الخليفة الجديد على عمله، وامتنع الحارث بن سريج عن مبايعته، فأرسل إليه نصر يدعوه إلى الجماعة وينهاه عن الفرقة وإطماع العدو، فلم يقبل وانضم الحارث إلى جديع الكرماني الذي هزم نصر، ودخل مرو، وأمّن الناس، ولكنه هدم الدور، ونهب الأموال، فأنكر الحارث بن سريج ذالك عليه، ونبذ تحالفه معه، وحاربه مع من انضم إليه من قبائل تميم ومضر عام 128هـ/746 وقُتل الحارث وأخوه، وصفت مرو لقبائل القحطانية، فهدموا دور قبائل مضر وخرج نصر بن سيار من مرو إلى أبرشهر، وكتب إلى الخليفة مروان بن محمد يخبره بخروج جديع الكرماني عليه، وانشغاله عن محاربة أبو مسلم الخراساني قائد ثورة العباسيين، الذي عظم أمره، وطلب من الخليفة أن يمده بالجنود ليستعين بهم على محاربة من خالفه من الثوار.