طرح التثريب في شرح التقريب هو كتاب في أحاديث الأحكام الفقهية، شرح فيه الحافظ العراقي كتابه: «تقريب الأسانيد وترتيب المسانيد» الذي جمعه من الموطأ ومسند أحمد والصحيحين والسنن الأربعة وسنن ابن ماجه والمستدرك للحاكم ممن التزم الصحة في أحاديثه وحذف الإسناد واكتفى بذكر الصحابي الذي روى الحديث ورتبه على أبواب الفقه ثم بدأ بشرحه شرحًا حديثيًا وفقهيًا وشرح الحافظ العراقي نصف الكتاب تقريبا ولم يكمله فأتمه ابنه الحافظ ولي الدين أبي زرعة ابن الحافظ العراقي.
قد اختار العراقيّ، طريقة فريدة فيما نعلمه مما صنف في فن شروح الأحكام، حيث عمد في بداية الكتاب إلى ذكر التراجم التي سوف تستعمل في الشرح، والتي لا غناء لقاصد الشروح غالبًا عنها، فقام بترجمة الأعلام من الرجال والنساء؛ من الصحابة والعلماء والمصنفين وغيرهم، مما تدعوا الحاجة طالب العلم إلى معرفتهم، حتى لا يحتاج إلى الخروج عن الشرح قاصدًا غيره من المصنَّفات التي تترجم للأعلام.
وكان مقصده ابتداءً أن يترجم رجال إسناده، ثم رأى أن يضم إليه من ذكر اسمه في بقية الكتاب، لرواية حديث، أو كلام عليه، أو لكونه قد ذكر أثناء حديث، وذلك لعموم الفائدة.
وقد اختار رحمه اللـَّہ، أن يبدأ الشرح بترجمة ابنه ولي الدّين أبي زرعة أحمد، وهذا يعد فيما نعلم سابقة، أن يترجم الوالد للولد، حيث إن الكتاب في الأصل قد ألف له ثم ابتدأ التراجم بترجمة ميسرة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ثم عرج على بقية التراجم مرتبًا إياها على الألف باء، على طريقة تهذيب الكمال.
بداية يذكر العراقي نص الحديث من نسخة الأحكام الصغرى، أو المختصرة، ثم يقسم الشرح إلى فوائد متتالية، على أن تكون الفائدة الأولى غالبًا في تخريج الحديث من موارده المشهورة.
ثم يذكر بعد ذلك كل ما يستفاد من الحديث من فوائد، وقواعد، وشرائد.
ثم إنه من الملاحظ تحريه الشديد في نسبة الأقوال لأصحابها، وتمييزه لأقوال أئمة المذاهب، مع بُعده عن التعصب.
(هذا الشرح «طرح التثريب» من أنفس ما يقرأه طالب العلم في شرح أحاديث الأحكام، وإن غفل عنه وأهمله كثير من طلاب العلم، صحيح أنه موسع، وقد يمل منه طالب العلم المتوسط، لكنه فيه فوائد وتحريرات لا توجد في غيره، فيستفيد منه طالب العلم فائدة كبيرة، إلا أنه شرح مختلط لا تعرف شرح الوالد من شرح الولد، فالوالد شرح قطعة ثم انتقل إلى قطعة أخرى، وهكذا، في مواضع ليست مرتبة، لكن أكثر الشرح للولد، وكثيرًا ما يقول: قال شيخنا الوالد. وبهذا تعرف أن الشرح للابن).