شريعة حمورابي، هو نص قانوني بابلي دُوِّن بين عامي 1755 و1750 قبل الميلاد في عهد الملك حمورابي، سادس ملوك السلالة البابلية الأولى. وتمثل هذه الشريعة أطول وأفضل النصوص القانونية تنظيمًا وحفظًا التي وصلتنا من حضارات المنطقة. كُتبت الشريعة باللغة الأكدية، بلهجتها البابلية القديمة، ويُنسب تأليفها إلى حمورابي نفسه.
نُقش النص الأساسي من الشريعة على مسلّة من البازلت يبلغ ارتفاعها 2.25 مترًا، اكتُشفت عام 1901 في موقع سوسة، الواقع في إيران اليوم، حيث كانت المسلّة قد نُقلت كغنيمة حرب بعد حوالي ستة قرون من كتابتها. أما اليوم، فتُعرض المسلّة في متحف اللوفر في باريس.
يُصوّر نقش بارز في الجزء العلوي من المسلّة حمورابي واقفًا أمام الإله شمش، إله الشمس والعدالة لدى البابليين، وهو ما يُضفي طابعًا دينيًا على مصدر السلطة القانونية. ويضم باقي النص حوالي 4130 سطرًا مكتوبًا بالخط المسماري، يُقسَّم إلى مقدمة وخاتمة شعريتين تشكلان خُمس النص، بينما تتضمن الأربعة أخماس المتبقية نصوص القوانين ذات الطابع الشرطي، التي تُصاغ بأسلوب "إذا... فإن...".
تتناول الشريعة طيفًا واسعًا من الموضوعات، تشمل القانون الجنائي، قوانين الأسرة، الملكية، العقود، والتجارة. وتُفتتح الشريعة بمقدمة يعلن فيها حمورابي أن الآلهة قد منحته الحكم "لكي يمنع القوي من ظلم الضعيف"، في تأكيد على البعد الأخلاقي والديني للقانون.
أثارت شريعة حمورابي إعجاب الباحثين المعاصرين بفضل ما تحتويه من مظاهر العدالة وتنظيم العلاقات المجتمعية، كما أظهرت تعقيد المجتمع البابلي آنذاك. وقد أثارت مقارنتها مع الشريعة الموسوية اهتمامًا كبيرًا، خاصة فيما يتعلق بمبدأ القصاص (العين بالعين) الذي يشكّل أحد أوجه التشابه بين المدونتين.
ورغم الجدل القائم بين المختصين حول غايات الشريعة ومبادئها وتطورها التاريخي، لا يزال حمورابي يُعتبر خارج دائرة علم الآشوريات شخصية بارزة في تاريخ القانون، وتُعد شريعته من أقدم ما كُتب من نصوص قانونية متكاملة في تاريخ البشرية.
ويجسّد هذا التقدير الرمزي في العصر الحديث من خلال وضع نحت بارز لوجه حمورابي في مبنى الكونغرس الأمريكي إلى جانب مشرعين تاريخيين آخرين، كما توجد نُسخ من مسلّته في عدد من المؤسسات العالمية، من بينها مقر الأمم المتحدة في نيويورك ومتحف بيرغامون في برلين.