شرح وصية الإمام أبي حنيفة هو كتاب للإمام أكمل الدين البابرتي الحنفي الماتريدي، المتوفى سنة 786هـ، شرح فيه وصية الإمام أبي حنيفة النعمان التي بيّن فيها القول في بعض المسائل العَقَديّة التي كانت - في عصره - موضع نزاع، ومثار جدل بين أهل السنة وغيرهم، أو بين أهل السنة أنفسهم، فأوضَح الإمام فيها مذهبه، مُبيّناً حُجته في ذلك. وهو شرح مختصر في بيان بعض عقائد أهل السنة والجماعة، ففي الوصية اثنتا عشرة مسألة من مسائل العقيدة، هي:
تعريف الإيمان وزيادته ونقصانه والاستثناء فيه وحكم مرتكب الكبيرة.
الأعمال فرائض وفضائل ومعاصٍ.
الاستواء حق من غير أن تكون لله حاجة إلى العرش واستقرار عليه.
القرآن كلام الله غير مخلوق.
أفضل الأمة بعد النبي (صلى الله عليه وسلم) أبو بكر الصديق ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان ثم علي بن أبي طالب.
خلق أفعال العباد.
الرزق.
استطاعة العبد على الفِعل معه لا قبلَه ولا بعدَه.
المسح على الخفين ثابت والقَصر والإفطار في السفر رخصة.
القلم حق.
عذاب القبر والجنة والنار والميزان وقراءة الكتب حق.
البعث والرؤية والشفاعة وبراءة السيدة عائشة وخلود أهل الجنة والنار حق.
وقد طبعت الوصية مرات، وطُبِع شرح ملا حسين إسكندر الرومي - المتوفى نحو سنة 1084هـ - عليها المسمى (الجوهرة المنيفة) في الهند ثم في قطر، وعُمدتُه فيه شرح البابرتي كما صرّح في مقدمته، وقد صدرت الطبعة التجريبية من هذا الكتاب في عمان سنة 1427هـ، وطبع بدار الفتح للدراسات والنشر بعمان – الأردن سنة 2009م، طبعة متميّزة في جودتها، مع زيادة في التعليقات والفوائد.
وللإمام أبي حنيفة وصايا أخرى لأصحابه عامة، أو لبعضهم خاصة - غير هذه الوصية التي شرحها الإمام البابرتي - منها وصيته لتلميذه الإمام القاضي أبي يوسف الأنصاري، وهي وصية تضمنّت توجيهات ونصائح في الحياة العامة، وفي طلب العلم خاصة، وقد ذكرها العلامة زين الدين بن نجيم آخر كتابه (الأشباه والنظائر). وقد نالت وصايا الإمام أبي حنيفة اهتماماً بالغاً من العلماء، إذ هي وصايا أحد الأئمة الأربعة المتبوعين، الذين أجمعت الأمة الإسلامية على تقدّمهم وإمامتهم في الدين الإسلامي أصولاً وفروعاً، فضلاً عما كانوا عليه من الورع والتقوى والصلاح، فتلقّت الأمة المحمدية مذاهبهم بالقبول. ويمثل شرح الإمام أكمل الدين البابرتي لهذه الوصية جانباً من الاهتمام بهذه الوصايا.
ومن الملاحظ - بعد قراءة هذا الشرح ومقارنته بكتب مَن تقدّم البابرتي من الماتريدية - أن الشارح قد استفاد في كثير من مباحثه من كتاب (تبصرة الأدلة) للإمام أبي المعين النسفي، بل كان أحياناً ينقل عبارته بحروفها، وقد استفاد البابرتي أيضاً من كتاب (التوحيد) لإمام الهدى أبي منصور الماتريدي، واستفاد أيضاً من (شرح العقائد النسفية) للعلامة سعد الدين التفتازاني.