سَيفُ الدَّولة الحَمْداني (303- 356 هـ / 915- 967 م)، هو أبو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أبي الهَيْجاءِ بنِ حَمْدانَ الحَمْدانِيُّ، ويُعرَف باللقب الأكثر شيوعًا سَيْف الدَّولة أي (سَيفُ الدَّولةِ العَبَّاسِيَّة)، ومؤسِّس إمارة حلب، التي تضمُّ معظم شماليِّ سورية وأجزاءً من غربيِّ الجزيرة، وأخٌ للحسن بن عبد الله (المعروف بناصر الدولة الحَمْداني). وكان من أكثر الأعضاء بروزًا في الدولة الحَمْدانية. خدم سيف الدولة تحت ولاية أخيه الأكبر، في محاولات من أخيه للسيطرة على الدولة العبَّاسية الضعيفة في بغداد في أوائل 940م. بعد إخفاق هذه المحاولات، تحوَّل طموح سيف الدولة تجاه سورية، حيث واجه طمع الإخشيد من مصر للسيطرة على المحافظة، بعد نشوء حربين معهم. كانت حلب مركز سلطته على شمال سورية، والجزيرة الغربية مركزها ميَّافارقين، وقد اعترف الإخشيد والخليفة بسُلطته. عانت مملكته سلسلةَ تمرُّدات قبَلية حتى 955م، لكنه كان ناجحًا في التغلُّب عليها والمحافظة على ولاء أهمِّ القبائل العربية، أصبحت دولة سيف الدولة في حلب مركزَ الثقافة والحيوية، وجمعَ من حوله الأدباء ومنهم أبو الطيِّب المتنبِّي الذي ساعد على ذيوع شُهرته وبقائها للأجيال القادمة، وأبو فراس الحَمْداني.
كان الحَمْداني راعيًا للعلماء والآداب والفنون، وتزاحَم على باب عاصمته في حلب الشُّعراء والعُلماء والأدباء والمفكرون، ففتح لهم بَلاطه وخزائنه، حتى كانت له عُملة خاصَّة يسكُّها للشعراء من مادحيه، وفيهم المتنبي وابن خالويه النَّحْوي المشهور، وأبو نصر الفارابي الفيلسوف الشهير، كما اعتنى بابن عمِّه وأخي زوجته أبي فراس الحَمْداني شاعر حلب. وهو نفسه شاعر، وله أبيات جيدة.
احتفل بسيف الدولة على نطاق واسع لدوره في الحروب الإسلامية البيزنطية، مواجهًا الإمبراطورية البيزنطية في أوج قوَّتها التي استطاعت في بدايات القرن العاشر السيطرة على بعض الأراضي الإسلامية، وفي أثناء مصارعة عدوٍّ متفوِّق جدًّا، شنَّ سيف الدولة غارات في عُمق الأراضي البيزنطية متمكِّنًا من فتح بعض المناطق، واستمرَّ ذلك حتى عام 955م. ثم قاد القائد الجديد للقوَّات البيزنطية نقفور الثاني هجومًا قصَم قوَّات الحَمْداني، واستولى البيزنطيون على قيليقية، كما احتلُّوا حلب نفسَها مدَّة وَجيزة في 962م، وتميَّزت السنوات الأخيرة لسيف الحمداني بالهزائم العسكرية، لعجزه الناتج عن مرضه، وضعف سُلطته التي أدَّت إلى ثورة أقرب مساعديه، حتى مات في بدايات عام 967م، وقد سقطت أنطاكية والساحل السوري وأصبحت من الإمبراطورية البيزنطية عام 969م.