سيرجيو ماتاريلا (بالإيطالية: Sergio Mattarella)، هو سياسي إيطالي يشغل منصب رئيس الجمهورية الإيطالية منذ عام 2015، ويُعد أطول الرؤساء خدمةً في تاريخ الجمهورية الإيطالية. ومنذ وفاة جورجو نابوليتانو في عام 2023، بات ماتاريلا الرئيس الإيطالي الوحيد على قيد الحياة.
يُعرف ماتاريلا بانتمائه إلى التيار الكاثوليكي اليساري، وكان من الشخصيات البارزة في حزب الديمقراطية المسيحية منذ أوائل ثمانينيات القرن العشرين حتى حلّ الحزب. تولّى منصب وزير شؤون العلاقات مع البرلمان بين عامي 1987 و1989، ثم منصب وزير التعليم من عام 1989 حتى 1990. وفي عام 1994، كان من مؤسسي حزب الشعب الإيطالي، وشغل منصب نائب رئيس الوزراء من 1998 إلى 1999، ثم وزير الدفاع من 1999 حتى 2001. وفي عام 2002، انضم إلى حزب الديزي، وكان من بين مؤسسي الحزب الديمقراطي عام 2007، قبل أن يعتزل الحياة السياسية عام 2008. كما عُيّن قاضيًا في المحكمة الدستورية من عام 2011 حتى 2015.
في 31 يناير 2015، انتُخب ماتاريلا رئيسًا للجمهورية في الجولة الرابعة من التصويت، بدعم من ائتلاف الوسط اليساري الذي يقوده الحزب الديمقراطي ومن أحزاب الوسط. وعلى الرغم من إعلانه المسبق عدم رغبته في الترشح لولاية ثانية، فقد أُعيد انتخابه في 29 يناير 2022، ليصبح ثاني رئيس في تاريخ إيطاليا يُنتخب لولاية ثانية، بعد جورجو نابوليتانو.
ومنذ تولّيه الرئاسة، خدم تحت رئاسته خمسة رؤساء وزراء: ماتيو رينزي (زعيم الحزب الديمقراطي آنذاك والداعم الرئيسي لترشيح ماتاريلا للرئاسة)، باولو جنتيلوني (أحد قياديي الحزب الديمقراطي الذي خلف رينزي بعد استقالته عام 2016)، جوزيبي كونتي (سياسي مستقل قاد حكومتين متتاليتين ضمن ائتلافين مختلفين من اليمين واليسار)، ماريو دراجي (مصرفي ورئيس سابق للبنك المركزي الأوروبي عيّنه ماتاريلا لقيادة حكومة وحدة وطنية عقب استقالة كونتي)، جورجا ميلوني (أول امرأة تتولى رئاسة الوزراء في إيطاليا وزعيمة الائتلاف اليميني الفائز في انتخابات سبتمبر 2022).
شهدت فترة رئاسته العديد من الأزمات الكبرى، منها تداعيات الأزمة المالية العالمية، وأزمة الهجرة الأوروبية، وهما عاملان أثّرا بعمق على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد وأسهما في صعود الأحزاب الشعبوية. كما كانت إيطاليا في عام 2020 من أكثر الدول تضررًا من جائحة كوفيد-19، وكانت أول دولة في الغرب تفرض إغلاقًا عامًا للحد من انتشار الفيروس. وخلال ولايته الثانية، واجهت أوروبا تصاعدًا في التوترات الجيوسياسية بين حلف شمال الأطلسي (الناتو) وروسيا، وأكّد ماتاريلا مرارًا مواقفه المؤيدة للاتحاد الأوروبي وللتحالف الأطلسي.
وعلى غرار سلفه نابوليتانو، وُجّهت لماتاريلا انتقادات بزعم ممارسته دورًا تنفيذيًا يتجاوز الطابع البروتوكولي المخصص لرئيس الدولة، لا سيما إثر اعتراضه على تعيين باولو سافونا وزيرًا للاقتصاد والمالية، ما أدى إلى أزمة دستورية وحديث عن احتمال عزله. كما تدخّل مرتين في تشكيل الحكومات من خلال تعيينه شخصيات لرئاسة الوزراء بدلًا من الدعوة إلى انتخابات جديدة، وهما جنتيلوني في 2016 ودراجي في 2021. ومع ذلك، فقد نال إشادة واسعة بفضل مهاراته في الوساطة السياسية، ونزاهته وحياده في إدارة شؤون الدولة.