سلمى الغفاريّة هي سلمى امرأة عروة بن الورد هي امرأة من بني كنانة، وتكنّى أمّ وهب، وكان عروة بن الورد قد أغار عليهم فأصابها منهم، وكانت بكرًا فأعتقها واتّخذها لنفسه، فمكثت عنده بضع عشرة سنة، وولدت له ولدًا وهو لا يشكّ في أنها أرغب الناس فيه، وهي تقول له: لو حججتَ بي فأمُرَّ على أهلي وأراهم، فحجَّ بها، فأتى إلى مكّة ثم أتى إلى المدينة. وكان يخالط من أهل يثرب بني النضير، وكان قومها يخالطون بني النّضير، فأتوهم وهو عندهم فقالت لهم سلمى: إنّه خارج بي قبل أن يخرج الشّهر الحرام، فتعالوا إليه وأخبروه أنّكم لا تحبّون أن تكون امرأة منكم معروفة النّسب مَسبيَّة، وافتدوني منه؛ فإنّه لا يرى أنّي أفارقه ولا أختار عليه أحداً، فأتوه فسقوه الشّراب، فلمّا ثمل قالوا له: فادنا بصاحبتنا؛ فإنّها وسيطة النّسب فينا معروفة، وإنّه عارٌ علينا أن تكون مسبيَّة، فإذا صارت إلينا وأردت معاودتها فاخطبها إلينا؛ فإنّنا ننكحك.
فقال لهم: ذلك لكم، ولكن لي الشّرط فيها أن تخيّروها؛ فإن اختارتني انطلقت معي إلى ولدها، وإن اختارتكم انطلقتم بها، قالوا: ذلك لك، قال: دعوني ألهُ بها الّليلة وأفاديها غداً.
فلمّا كان الغد جاءوه فامتنع من فدائها، فقالوا له: قد فاديتنا بها منذ البارحة، وشهد عليه بذلك جماعة ممّن حضر، فلم يقدر على الامتناع وفاداها.