سفينة حتشبسوت
اهتمت حتشبسوت بالأسطول التجاري المصري فأنشأت السفن الكبيرة واستغلتها في النقل الداخلي لنقل المسلات التي أمرت بإضافتها إلى معبد الكرنك تمجيدا للإله آمون أو أرسال السفن في بعثات للتبادل التجاري مع جيرانها، واتسم عهدها بالرفاهية في مصر والسلام. وقد سجلت على جدران معبدها الجنائزي في الدير البحري رحلات إلى بلاد بنط في جنوب البحر الأحمر، وأحضرت البعثة البخور والعطور وأشجار استوائية وحيوانات مفترسة والجلود.
يوجد ممر قصير بين النيل وشاطيء البحر الأحمر عند مدينة قفط ولهذا كانت قفط مركزا هاما في التجارة في مصر. وتستطيع قافلة تعدية تلك المسافة خلال خمسة أيام، ومن هنا بدأت بعثات كثيرة إلى بلاد بنط.
كانت أول بعثة معروفة إلى بلاد بنط في عهد فرعون مصر ساحورع من الأسرة المصرية الخامسة. وكذلك خلال الأسرة المصرية الخامسة قامت بعثة إلى بنط في عهد جد كا رع قام بها القبطان «با ور جد». كما أرسل الملك منتوحوتب الثالث من أسرة مصرية حادية عشر (الدولة الوسطى) بعثة إلى بنط وعلى رأسها قبطان يدعى هنينو، وقام هنينو بتسجل مراحل بعثته إلى بنط في مخطوطات وجدت في وادي الحمامات.
كانت البعثات إلى بلاد بنط بغرض أحضار البخور ولبان ونبات المر، واخشاب واشجار وحيوانات من إفريقيا مثل النمور وفرائها والطاووس والنسانيس وغيرها. وكان تقديم البخور إلى الألهة من الطقوس الهامة في مصر القديمة، فكان الكهنة يقدمونها للآلهة يوميا في المعابد. كما كان يقوم بتلك الطقوس فرعون بنفسه في احتفال كبير.
كتبت الدكتورة «شيريل وارد» الأستاذة في جامعة بوسطن بالولايات المتحدة رسائل علمية عديدة عن نشاط قدماء المصريين في التجارة البحرية مع جيرانهم. ولها نظرية أن قدماء المصريين سادوا البحر، ويبنون سفنا كبيرة. ولكن بعض علماء الآثار لا يعتقد في تلك النظرية رغم وجود نقوشات عديدة ومخطوطات منذ عهد الفراعنة تبين بناء المصريون القدماء لسفن كبيرة واستخدامها في التجارة مع البلاد المجاورة.
لكي تثبت الأستاذة «شيريل وارد» نظريتها فقد قررت في عام 2009 على بناء سفينة على نمط بناء السفن الفرعونية وبنفس مقاييسها والإبحار بها جنوبا في البحر الأحمر لإثبات أنه كان في مقدور قدماء المصريين بالفعل الوصول إلى بلاد بنط.