أَبُو سَعِيدٍ عَبْدِ السَّلَامِ سَحْنُونُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ حَسَّانَ بْنِ هِلَالِ بْنِ بَكَّارِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التَّنُوخِيُّ الْحِمْصِيُّ الْمَغْرِبِيُّ الْقَيْرَوَانِيُّ الْمَالِكِيُّ (رمضان 160 – 7 رجب 240هـ / 777 – 854م) قاضي، وفقيه من أشهر فقهاء المالكية في المغرب العربي، و(سُحْنُون) لقبه الذي اشتهر به، ويرجع نسبه إلى قبيلة تنوخ وكان أبوه سعيد بن حبيب من أهل حمص أول من قدم إلى إفريقية، ولد سحنون في القيروان عام 160 هـ، وولي القضاء في عهد الدولة الأغلبية بين عامي (234 هـ - 240 هـ) في عهد الملك مُحَمد الأول الأغلبي، وتوفي وهو على القضاء وصلى عليه مُحَمد الأول بن الأغلب، قال عنه أبو العرب: «سحنون بن سعيد من صليبة العرب، وأصله من الشام من أهل حمص، وأبوه سعيد قدم مع الجند، وهو من جند أهل حمص، كان سحنون جامعاً للعلم، فقيه البدن، اجتمعت فيه خلال ما اجتمعت في غيره: الفقه البارع، والورع الصادق، والصرامة في الحق، والزهادة في الدنيا، والتخشن في الملبس والمطعم، والسماحة والترك، لا يقبل من السُلطان شيئاً، ولي القضاء سنة أربعٍ وثلاثين ومائتين، وهو يومئذٍ ابن أربعٍ وسبعين سنة، وأقام قاضياً ست سنين، ولم يأخُذ على القضاء أجراً».
وقد تتلمذ الإمام سحنون على يد أكبر علماء القيروان، ورحل إلى المشرق طالباً للعلم في سنة 178 هـ، وعاد الإمام سحنون إلى القيروان سنة 191 هـ وعمل على نشر المذهب المالكي ليصبح بذلك المذهب الأكثر انتشاراً في المغرب والأندلس، وكان سمع من ابن القاسم، وأشهب، ولقي في الحديث سفيان بن عيينة، وابن وهب، وأنس بن عياض، ووكيع بن الجراح، وعبد الرحمن بن مهدي، ويزيد بن هارون، والوليد بن مسلم وغيرهم، قال ابن فرحون: «أخذ سحنون العلم بالقيروان من مشائخها: أبي خارجة، وبهلول، وعلي بن زياد، وابن أبي الحسن، وابن غانم، وابن أشرس، وابن أبي كريمة وأخيه حبيب، ومعاوية الصمادحي، وأبي زياد الرعيني، ثم رحل في طلب العلم في حياة الإمام مالك وهو ابن ثمانية عشر عاماً وسمع من عبد الرحمن بن القاسم وعبد الله بن وهب وأشهب وطليب بن كامل وعبد الله بن عبد الحكم وسفيان بن عيينة ووكيع وعبد الرحمن بن مهدي وحفص بن غياث وأبي داود الطيالسي ويزيد بن هارون والوليد بن مسلم وابن نافع الصائغ ومعن بن عيسى وابن الماجشون ومطرف وغيرهم، وانصرف إلى إفريقية في سنة إحدى وتسعين ومائة».