زينون (334 ق. م. – 262 ق.م) فيلسوف هلنستي من مواليد مستوطنة كيتيوم الفينيقية في قبرص. هاجر إلى أثينا في شبابه ومع أنه رفض أن يصبح من رعاياها إلا أنه بقي مقيمًا فيها حتى وفاته، وبعد دراسته على يد كريتيس الساخر وستيلبو الميجاري وفي الأكاديمية القديمة، أخذ يعلم في الرواق المعمد «من هنا كانت تسمية مذهبه الفلسفي بالرواقية»، وقد أنشأها سنة 300 ق.م وقال فيها بأن الرجل الحكيم يجب أن يتحرر من الانفعال، ولا يتأثر بالفرح أو الترح، وأن يخضع من غير تذمر لحكم الضرورة القاهرة.
تشتمل سيرته التي كتبها ديوجانس اللايرتي على خلاصة تعاليمه التي كانت دوغماتية «أي مؤكدة دون بيان ودليل» تتسم بطابع تنبّؤي، وتبدو في ظاهرها متناقضة، بدلًا من أن تكون فلسفية على غرار فلاسفة الإغريق الذين سبقوه، وقد قسم الفلسفة إلى المنطق والفيزياء والأخلاق، واتخذ الانطباع الثابت الذي لا سبيل إلى الشك فيه، مقياسًا للحقيقة، فجعل الأخلاق هي الأساس، وقال إن السعادة تكمن في ملاءمة الإرادة مع العقل الإلهي الذي يحكم الكون، غير أنه لم يبقَ من رسائله في المنطق والفيزياء والأخلاق والبلاغة إلا استشهادات متناثرة.
تدليلًا على مكانة زينون الرواقي ومعلم الأخلاق الفينيقي السامية في مجال الفكر، دعاه الملك المقدوني أنتيغون في رسالة وجهها إليه للإقامة عنده ليكون تلميذًا له، فيصبح كل شعبه من تلاميذه نظرًا لتفوقه العقلي والعلمي، فكان جواب زينون له وكان قد بلغ آنذاك الرابعة والثمانين من عمره: «إني سعيد بكونك تريد تعلم ما هو حقيقي ومفيد، وليس فقط فن قيادة الشعب والعبث بالأخلاق الطيبة، وأن أي إنسان تجذبه الفلسفة ويحتقر الرغبات الدنيوية، لا يكون وحسب ذا نبل طبيعي، بل ذا نبل خُلُقي عظيم، ولو لم أكن كهلًا ويعيقني هِرَم جسدي لجئت إليك، ولكنني سأرسل إليك بعض تلامذتي الذين يماثلونني بروحهم وهم أكثر فائدة مني».
وعندما شاهد انتيباتروس الصيدوني قبر زينون رثاه بقوله: «هنا يرقد زينون الكيتومي الحكيم الذي اتجه إلى السماء، إنه لم يضع جبلًا فوق جبل، كما لم ينجز أعمال هرقل ليصل إلى النجوم، فإن طريق الفضيلة كانت تكفيه».