أمام جماهيرٍ من مختلف الأجناس والأديان والطّبقات، شرح عبد البهاء لأول مرةٍ في عهده ببساطةٍ وقوةٍ المبادئ الأساسية لدين بهاءالله في الكنائس والجامعات والأماكن العامة، تم تدوين تلك المحاضرات والخُطَب في كتابٍ بالفارسية سُمّي بـ "خطابات حضرت عبدالبهاء در أوروبا وأمريكا"، وتم ترجمته فيما بعد للعربية تحت مسمى "خُطب عبدالبهاء في أوروبا وأمريكا".
من أبرز العناصر الجوهريّة التي أعلنها عبدالبهاء للقادة وإلى الجماهير على السواء في خُطَبه: التحري عن الحقيقة تحريًا مستقلاً دون تقيد بالخرافات ولا بالتقاليد، ووحدة الجنس البشري، والوحدة الكامنة وراء جميع الأديان، وضرورة التحرر من كل أنواع التعصّبات الجنسية والدينية والطبقية والقومية، والوئام الذي يجب أن يسود بين الدين والعلم، والمساواة بين الرجل والمرأة، ووجوب التعليم الإجباري، والاتفاق على لغةٍ عالميةٍ يتحدث بها الجميع، والقضاء على الغنى الفاحش والفقر المدقع، وتأسيس محكمةٍ عالمية لفضّ النّزاع بين الأمم، والسمو بالعمل الذي يقوم به صاحبه بروح الخدمة إلى منزلة العبادة، وتمجيد العدل على أنه المبدأ الذي يقود المجتمع الإنساني، والثناء على الدين كحصنٍ لحماية كل الشعوب والأمم، وإقرار السلام الدائم العام كأسمى هدفٍ للبشرية. وعزّز عبدالبهاء عرض هذه الحقائق التي وصفها ب"روح العصر" بتحذيراتٍ جسيمةٍ مكررة باندلاع نارٍ داهمةٍ تلتهم أوروبا إن لم ينجح السياسيون في تلافيها، كما تنبّأ أثناء أسفاره بالتطورات الجوهرية الّتي سوف تحدث في تلك القارة، ونبّه على الانحلال الذي لابدّ أن يسري في القوة السياسية، وأشار إلى القلاقل الّتي سوف تداهم تركيا، وتنبّأ باضطهاد اليهود في أوروبا، وأكّد تأكيدًا قاطعًا بأنّ "عَلَم اتحاد الجنس البشري سوف يخفق وخيمة السلام العالمي سوف ترتفع فيصبح العالم عالمًا آخر".