الخَرَف أو العُتَاه أو العَتَه أو الخَبَل أو التدهور العقلي (بالإنجليزية: Dementia) هو متلازمة يرتبط بالعديد من التحللات العصبية، ويتميز بانخفاض عام في القدرات المعرفية ما يؤثر على قدرة الشخص على أداء أنشطة الحياة اليومية. يتضمن هذا عادةً مشاكل في الذاكرة، والتفكير، والسلوك، والتحكّم الحركي. بصرف النظر عن فقدان الذاكرة واضطراب الفكر، تشمل الأعراض الأكثر شيوعًا للخرف المشاكل العاطفية، وصعوبات لغوية، وانخفاض الدافع.يمكن وصف الأعراض بأنها تحدث بتسلسل متصل على عدّة مراحل. في نهاية المطاف، يؤثر الخرف تأثيرًا كبيرًا على الفرد ومقدّمي الرعاية وعلى علاقاته الاجتماعية عمومًا. يتطلب تشخيص الخرف ملاحظة التغيّر في الأداء العقلي المعتاد للشخص وانخفاض الاستعراف بصورةٍ أكبر من ذلك الانخفاض الذي تسببه الشيخوخة العادية.
يمكن أن تؤدّي العديد من أمراض وإصابات الدماغ مثل السكتة الدماغية إلى الخرف. لكن السبب الأكثر شيوعاً هو مرض الزهايمر، وهو اضطراب تنكس عصبي. أعاد الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (الطبعة الخامسة) وصف الخرف بأنه اضطراب معرفي عصبي خفيف أو كبير بدرجات متفاوتة من الشدة والعديد من الأشكال أو الفئات الفرعية. يصنف التصنيف الدولي للعلاج (المراجعة الحادية عشرة للتصنيف الدولي للأمراض) الخرف أيضًا على أنه اضطراب معرفي عصبي (NCD) ذو أشكال أو فئات فرعية عديدة. يدرج الخرف ضمن المتلازمات الدماغية المكتسبة، ويتميّز بانخفاض الوظيفة الإدراكية ويتناقض مع اضطرابات النمو العصبية. يوصف أيضًا بأنه طيف من الاضطرابات ذات أنواع فرعية مسببة للخرف تحدث بناءً على اضطراب معروف مثل مرض باركنسون الذي يسبب خرف مرض باركنسون، وداء هنتنغتون الذي يسبب مرض خرف باركنسون، والأمراض الوعائية المسببة للخرف الوعائي، والإيدز المسبّب للاضطراب العصبي المعرفي المرتبط بفيروس نقص المناعة البشري، والتنكسّ الفصي الجبهي الصدغي المسبب للخرف الجبهي الصدغي، وداء جسيمات ليوي المسبب لمرض الخرف المصحوب بأجسام ليوي، والاعتلالات الدماغية الاسفنجية القابلة للانتقال. قد تعتمد الأنواع الفرعية من الخرف التنكسي العصبي أيضًا على الأمراض الأساسية للبروتينات المشوهة، مثل اعتلالات النواة واعتلال تاو. ويعرف ظهور أكثر من نوع خرف بالخرف المختلط.
قد تنجم العديد من الاضطرابات المعرفية العصبية عن حالة أو اضطراب طبي آخر، مثل أورام المخ وورم دموي تحت الجافية، وأمراض الغدد الصماء مثل قصور الدرقية ونقص سكر الدم، وسوء التغذية بما في ذلك نقص فيتامين ب1 ونقص فيتامين ب 3، والالتهابات، والاضطرابات المناعية، والفشل الكبدي أو الكلوي، والاضطرابات الأيضية مثل مرض كوفس، وبعض حالات حثل المادة البيضاء، والاضطرابات العصبية مثل الصرع والتصلب المتعدد. قد تظهر بعض حالات العجز المعرفي العصبي في بعض الأحيان تحسنًا مع علاج الحالة الطبية المسببة.
يعتمد تشخيص الخرف عادةً على السيرة المرضية والاختبار المعرفي باستخدام التصوير العصبي. وقد يُجرى تحليل الدم لاستبعاد الأسباب المحتملة الأخرى التي قد تكون قابلة للعكس، مثل قصور الغدة الدرقية، ولتحديد نوع الخرف الفرعي. من الاختبارات المعرفية شائعة الاستخدام اختبار فلوشتاين. على الرغم من أن عامل الخطر الأكبر للإصابة بالخرف هو الشيخوخة، إلا أن الخرف ليس جزءاً طبيعياً من حالة الشيخوخة؛ لا تظهرعلامات الخرف على العديد من الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 90 عاماً فأكثر. يمكن الوقاية من العديد من عوامل الخطر المسببة للخرف، مثل التدخين والسمنة، من خلال تغيير نمط الحياة. لا يبدو أن الكشف الطبي عموماً لإصابة كبار السن بهذا الاضطراب يؤثّر على النتيجة.
يعد الخرف حاليًا سابع سبب رئيسي للوفاة في جميع أنحاء العالم ويُبلغ عن 10 ملايين حالة جديدة كل عام (حوالي حالة واحدة كل ثلاث ثوانٍ). لا يوجد علاج شافٍ معروف للخرف. غالباً ما تُستخدم مثبطات إستيراز الأسيتيل مثل دونيبيزيل إذ قد تكون مفيدة في الاضطرابات التي تتراوح بين الخفيفة والمتوسطة، لكن الفائدة الإجمالية قد تكون طفيفة. هناك العديد من التدابير التي يمكن أن تحسّن نوعية حياة الشخص المصاب بالخرف ومقدّمي الرعاية له. يمكن أن يكون العلاج المعرفي السلوكي مناسباً لعلاج أعراض الاكتئاب المصاحبة.