حَنبَعل بنْ حَملقار برقا (بالبونيقية: 𐤇𐤍𐤁𐤏𐤋 𐤁𐤓𐤒، «حنبعل برقا») الشهير بـ حنا بعل أو هانيبال أو هاني بعل (247 ق.م - 182 ق.م) قائد عسكري قرطاجي ينتمي إلى عائلة برقا البونيقية، ويُنسب إليه اختراع العديد من التكتيكات الحربية في المعارك لا زالت معتمدة حتى اليوم. ويقول الجنرال الأمريكي نورمان شوارزكوف: «تعلمت الكثير من حنبعل، حيث طبقت تكتيكاته في التخطيط لحملتي في عاصفة الصحراء».
بلغ حنبعل أقصى الحدود المستحيلة لكي يهزم روما ويصبح مادة للأساطير حيث احتل معظم إيطاليا وحاصر روما 15 عامًا. قاد حنبعل جيوش قرطاج في الحرب البونيقية الثانية واجتاز جبال الألب حتى وصل إلى حوض نهر إلبه بإيطاليا متفوقًا على الإمبراطورية الرومانية.
تبرز عبقرية التخطيط الذي قام به حنبعل في عدة محطات، لعل أبرزها عبوره الانتحاري لجبال الألب، وأيضًا معركة كاناي، التي كلّف فيها الخيّالة بمواجهة الخيّالة الرّومانيّين، مع توجيه الأمر للمشاة بالتقهقر ثمّ تطويق المشاة الرّومانيّين، فأصبح الجيش الرّوماني محاصرًا بالجيش القرطاجيّ من كلّ الجهات، في حين تمكّن الخيّالة من الفتك بالخيّالة الرّومانيّين الذين لاذوا بالفرار، وبذلك انتصر الجيش القرطاجي.
كان أبوه حملقار برقا قائداً للقرطاجيين في الحرب البونيقية الأولى، وكان أخواه صدربعل وماجو من أعظم قادة القرطاجيين، وكان شقيقًا لزوجة القائد صدربعل العادل، وصف المؤرخون حنبعل بأنه أسوأ كوابيس روما وبكاسر هيبتها وصوّره الرومان على أنه وحش يهوى القتل وسفك الدماء. حتى أنهم عندما يخشون وقوع كارثة في جميع المجالات يقولون: (باللاتينية: Hannibal ad portas) وتعني «حنبعل على أبوابنا».
ولد حنبعل أو هاني بعل في شمال أفريقيا بمدينة قرطاج (إحدى ضواحي مدينة تونس حاليًا) في عام 247 ق.م. ورافق وهو في التاسعة من عمره والده حملقار برقا إلى هسبانيا. وفي عام 221 ق.م. اختاره الجنود قائدًا بعد اغتيال صدربعل العادل زوج أخته، فتمكن من بسط نفوذ قرطاج على جزء من جنوب شبه الجزيرة الإيبيرية بما في ذلك ساغونتو، أحد المعسكرات الرومانية. لذا، فقد رأت روما ذلك خرقًا للمعاهدة التي عقدت إثر الحرب البونيقية الأولى، وطالبت بتسليمها حنبعل. وكان رفض هذا الطلب سببًا في اندلاع الحرب البونيقية الثانية بين عامي 218 ق.م و201 ق.م.
عاش هانيبعل خلال فترة من التوتر في حوض البحر المتوسط، عندما حاولت روما فرض سطوتها على القوى العظمى في المنطقة مثل قرطاجنة ومملكة مقدونيا الهلستينية وسرقوسة والإمبراطورية السلوقية. كانت أكبر إنجازاته خلال الحرب البونيقية الثانية، عندما سار بجيش يضم فيلة حربية من أيبيريا إلى شمال إيطاليا عابراً جبال البرانس وجبال الألب. في سنواته القليلة الأولى في إيطاليا، حقق ثلاثة انتصارات مثيرة في معارك تريبيا وبحيرة تراسمانيا وكاناي. وخلال 15 عامًا، احتل حنبعل معظم إيطاليا، مع ذلك اضطر إلى أن يعود لمواجهة الغزو الروماني لشمال أفريقيا. وهناك، هزمه سكيبيو الإفريقي في معركة زامة.
بعد الحرب، أصبح هانيبعل حاكمًا لقرطاجنة، وعندئذ سنّ العديد من الإصلاحات السياسية والمالية ليتمكن من دفع تعويضات الحرب المفروضة على قرطاجنة لروما. كانت هذه الإصلاحات لا تحظى برضا الطبقة الأرستقراطية القرطاجية فوشت به روما، ففرضت عليه النفى. خلال منفاه، عاش في الإمبراطورية السلوقية، حيث قام بدور المستشار العسكري لأنطيوخس الثالث في حربه ضد روما. بعد هزيمة أنطيوخس، اضطر إلى قبول شروط روما، وفر هانيبال مرة أخرى إلى مملكة أرمينيا، واستقر في بيثينيا، حيث ساعدهم لتحقيق فوز بحري بارز على أسطول من بيرجامس. بعد ذلك تعرض للخيانة وكان من المفترض أن يُسلم إلى الرومان، إلا أنه آثر تناول السم الذي قيل إنه احتفظ به في خاتم لبسه لوقت طويل على أن يموت أسيرًا في يد الأعداء.
يعتبر حنبعل واحدًا من أعظم القادة العسكريين في العصور القديمة، جنبًا إلى جنب مع الإسكندر الأكبر ويوليوس قيصر وسكيبيو الإفريقي وبيروس الأيبيري وعلي بن أبي طالب وخالد بن الوليد ومحمد الفاتح. الكثير من قادة العصر الحديث أمثال نابليون بونابرت ودوق ولينجتون ومصطفى كمال أتاتورك، يعتبرون حنبعل «قائدًا استراتيجيًا موهوبًا». كما تناولت العديد من الأفلام والبرامج الوثائقية قصة حياته.
يعزى إليه المقولة الشهيرة: «إمّا أَنْ نَجِدَ الطَريق أو أن نَصنَعَه».