حملات كسروان(1292–1305): هي سلسلة من الحملات العسكرية المملوكية ضد متسلقي جبال كسروان، وكذلك المناطق المجاورة لـجبيل والجرد في جبل لبنان. تم شن الهجمات في أعوام 1292 و1300 و1305. وكان متسلقو الجبال من المسلمين الشيعة والعلويين والموارنة ورجال قبائل الدروز؛ الذين تصرفوا تاريخياً بشكل مستقل عن أي سلطة مركزية. وقد حافظ الموارنة على وجه الخصوص على تعاون وثيق مع آخر دولة صليبية، كونتية طرابلس. بعد فتح طرابلس الشام على أيدي المماليك عام 1289، غالبًا ما كان متسلقو الجبال يقطعون الطريق الساحلي بين طرابلس وبيروت، مما أدى إلى أول حملة مملوكية عام 1292 تحت قيادة الـخديوي بيدرة. وفي تلك الحملة، كان المماليك، الذين انتشروا على طول الطريق الساحلي وانقطعوا عن بعضهم البعض في نقاط مختلفة، يتعرضون لمهاجمة مستمرة من قبل متسلقو الجبال، الذين صادروا أسلحتهم وخيولهم وأموالهم. ولم يسحب بيدرة رجاله إلا بعد دفع أموال لزعماء الجبل.
انطلقت الحملة الثانية عام 1300؛ لمعاقبة متسلقي الجبال لمهاجمتهم وسرقة قوات المماليك المنسحبة على طول الطريق الساحلي بعد هزيمتهم على يد الإلخانيين في معركة وادي الخزندار في العام السابق. وهزم والي دمشق آقوش الأفرَم المقاتلين الكسروانيين في عدد من الاشتباكات، وبعد ذلك تنازلوا وسلموا الأسلحة التي صادروها عام 1292 ودفعوا غرامة باهظة. أدى التمرد المستمر من قبل متسلقي الجبال إلى قيام آقوش بقيادة حملة عقابية نهائية ضد كسروان في عام 1305، والتي تسببت في خراب جسيم للقرى وقتل وتهجير جماعي لسكانها.
بعد الحملة الأخيرة، قام المماليك بتوطين رجال قبائل التركمان في الأجزاء الساحلية من كسروان؛ للحفاظ على وجود دائم ومباشر في المنطقة. كان أداء العلويين سيئًا بشكل خاص، ولم يعد يُذكر أنهم يسكنون كسروان في السجل التاريخي. ظلت الشيعة الإثنا عشرية أكبر طائفة، لكن أعدادهم لم تتحسن أبدًا. بينما تكبد الموارنة أيضاً خسائر بشرية ومادية فادحة، إلا أنهم لم يكونوا الأهداف الرئيسية للحملة. خلال الحكم العثماني المبكر (1516-1917)، أصبح الموارنة المجموعة الدينية السائدة في كسروان بسبب الهجرة هناك من شمال جبل لبنان. تمت رعاية مستوطنتهم من قبل بنو عساف حكام المنطقة التركمان.
في الروايات التاريخية اللبنانية الحديثة، كانت حملات كسروان مصدرًا للجدل بين المؤرخين من مختلف الطوائف الدينية. سعى كل من المؤرخين الموارنة والشيعة والدروز إلى التأكيد على دور طائفتهم، فوق بعضها البعض، في الدفاع عن استقلال كسروان عن المماليك الخارجيين. في كتابات المؤلفين المسلمين السنة، يتم تصوير المماليك على أنهم الدولة الإسلامية الشرعية؛ التي تعمل على دمج جبل لبنان في بقية العالم الإسلامي.