حزب الرابطة،
- في سبتمبر 1940م، في الرواق العباسي، في الأزهر الشريف، تم الإتفاق على تأسيس «الكتيبة اليمنية الأولى» من عدد من طلبة المملكة المتوكلية اليمنية و(مستعمرة عدن ومحمياتها الشرقية والغربية؛ حيث كانت تحت الاستعمار البريطاني وحمايته؛ ولم تكن ضمن حدود المملكة المتوكلية اليمنية عند تسميتها بهذا الاسم على يد الإمام يحيى حميد الدين)، وكان أهم مؤسسيها العلامة الفقيد «محمد علي الجفري» مع كوكبة أمثال الفقيد «رشيد علي حريري»، والشهيد «محمد محمود الزبيري»، والفقيد «أحمد محمد نعمان». كان المأمول أن تنشط ضد الحكم الإمامي في المملكة المتوكلية اليمنية والاستعمار والتجزئة في مستعمرة عدن والمحميات الشرقية والغربية.
- في عام 1948م بدأت مشاورات في مستعمرة عدن بين من عادوا من دراستهم من القاهرة (كان منهم من تأثر بجماعة الإخوان المسلمين) وبغداد وغيرها لتأسيس حركة وطنية منظمة في مستعمرة عدن والمحميات الشرقية والغربية واختاروا رشيد الحريري أميناً عاماً ومتحدثاً رسمياً باسم الكيان (بعد أن أسس الزبيري والنعمان كياناً تنظيمياً يقتصر نشاطه فقط على اليمن لأسباب سياسية خاصة بتلك المرحلة وهي أن مصلحتهم في عدم تأييد حركة وطنية جنوبية تنادي بالاستقلال عن المستعمر البريطاني بالإضافة إلى محاولة ابعاد الاستعمار البريطاني لكل من يحاول نزع استقرارها من غير مواطني عدن حينها).
- في ديسمبر 1947م وتحت رعاية المغفور له السلطان علي عبدالكريم اجتمع كوكبة من الأعضاء المؤسسين أمثال العلامة محمد علي الجفري والأساتذة أحمد عبده حمزة ورشيد الحريري وغيرهم، واتفقوا على تكوين تنظيم سياسي باسم رابطة أبناء الجنوب العربي.
- وفي 1951م أصدر الانجليز قانوناً سمح بموجبه إنشاء النقابات والجمعيات الخيرية الأهلية. فانتهز المؤسسون لحزب الرابطة هذه الفرصة وأعلنوا في 29 ابريل 1951م إنشاء الرابطة كمنظمة مجتمع مدني حددوا أهدافها وغاياتها. وقد ساهم في تأسيسه شخصيات وطنية من أبناء (مستعمرة عدن والمحميات الشرقية والغربية)، وأيضاً من أبناء (المملكة المتوكلية اليمنية) الذين استوطنوا عدن أمثال: الأساتذة/علي محمد المقطري -أمين الصندوق- ومحمد علي الأسودي وعلي الأحمدي ومحمد أحمد شعلان، رحمهم الله.. وكان يهدف إلى تحقيق الاستقلال عن بريطانيا، وضمان وحدة أراضي عدن والمحميات الشرقية والغربية (المكونة في تلك الفترة من 23 سلطنة وإمارة ومشيخة إضافة إلى مستعمرة عدن) تحت اسم الجنوب العربي، وانتقال السيادة إلى الشعب.. هذه هي الأهداف التي أعلنها الحزب حينذاك؛ ولربما كان حزب الرابطة أول من أطلق مصطلح (اليمن الطبيعية) أو (الجنوب العربي الكبير) على كل من: المملكة المتوكلية اليمنية، والجنوب العربي، وسلطنة عمان، وهذا موثق في وثائقها منذ الخمسينات.
■ إن حزب الرابطة أطلق مصطلح: الجنوب العربي الكبير أو (اليمن الطبيعية) على (المملكة المتوكلية اليمنية، والجنوب العربي، وعُمان) ليُشير على أنه مصطلح (جهوي) لهذه الدول الثلاث؛ تماماً، كإطلاق مصطلح (الشام) على سوريا والأردن ولبنان وفلسطين.
■ إن حزب الرابطة يرى في الوحدة بين الدول العربية ككل قوة ومنعة ونهوضاً للإنسان والعمران، وأقرّ (الوحدة) من مبادئ دستور الحزب؛ وأن الوحدة العربية تسهم في التضامن الإسلامي. وعليه، فالحزب يسعى ويبارك ويؤيد الوحدات القُطرية العربية؛ ويرحب بإقامة الوحدة بين الجنوب العربي وأي دولة/دول عربية دون تخصيص دولة بذاتها، شريطة أن يسبقها استفتاء شعبي حر ضماناً لاستمرارها وصوناً لوجودها.
- في تلك الفترة المبكرة، وفي عنفوان الإمبراطورية البريطانية، كانت الرابطة هي المؤسسة للحركة الوطنية في الجنوب العربي.. وفي إطار عمل سياسي منظم على مستوى (كل) الجنوب العربي، وأخذت تنادي وتبشر وتنشر الوعي في أوساط الجماهير بضرورة الاستقلال ووحدة السلطنات والإمارات والمشيخات ومستعمرة عدن في كيان سياسي واحد هو الجنوب العربي. وكان الاستعمار يخطط لفصل عدن وربطها بالكومنولث البريطاني بعيداً عن مناطق الجنوب العربي، وكان يخطط لمستقبل آخر لحضرموت. وكان همّ الرابطة هو تحقيق الأهداف التي ذُكرت آنفاً.
- عندما استشعرت بريطانيا خطورة نشاط ودعوة الرابطة، قامت بنفي رئيسها الفقيد محمد علي الجفري، وأمينها العام الفقيد شيخان الحبشي في عام 1956 إلى مصر.. وفي عام 1958م هاجمت القوات البريطانية سلطنة لحج واحتلتها وكانت تهدف القبض على الزعيم الوطني محمد علي الجفري وإخوانه لكنه استطاع أن ينفذ إلى المملكة المتوكلية اليمنية وأخوه علوي إلى العوالق بينما ألقي القبض على أخيهما عبد الله الذي كان يتولى المعارف والصحة في لحج ونُقل ببارجة حربية إلى جزيرة سقطرى حيث قضي في منفاه ستة أشهر ثم بعد ذلك تم نفيه إلى مدينة تعز في المملكة المتوكلية اليمنية، كذلك تم نفي سلطان لحج الشخصية الوطنية علي عبدالكريم الذي كان مناصراً لحزب الرابطة، إضافة إلى عدد من قيادات الرابطة، ليكونوا بذلك أوائل المنفيين السياسيين في تاريخ الجنوب العربي المعاصر.
- في عام 1959م قامت الدبابات الإنجليزية بتدمير منازل بعض قيادات الرابطة في منطقة العوالق العليا.. وفي عام 1960م صبت الطائرات البريطانية حممها من القنابل والصواريخ على كور العوالق طوال عام كامل، وطاردت وحاصرت كل «الانتفاضات» المسلحة التي كانت تدعمها الرابطة في العديد من مناطق الجنوب العربي مثل الصبيحة والضالع ويافع والعواذل ودثينة وباكازم وبيحان.
على الصعيد السياسي نقلت الرابطة قضية الاستعمار في الجنوب العربي إلى كل المحافل العربية والدولية وأدخلت القضية إلى الأمم المتحدة منذ عام 1959 م وخاضت نضالاً واسعاً حتى صدرت قرارات الأمم المتحدة في عام 1963 م الملزمة لبريطانيا باستقلال الجنوب العربي وضمان وحدة أراضيه وانتقال السيادة لشعبه، وتلك بالنص كانت مطالب حزب الرابطة (وكل ذلك موثق في وثائق الأمم المتحدة).
- تضافرت ظروف سياسية عربية ودولية أدخلت الجنوب العربي في دوامة الصراع العربي والدولي وأحبطت جهود قواه الوطنية. تسلمت الجبهة القومية الحكم «منفردة» من بريطانيا بموجب معاهدة الاستقلال بتاريخ:29 نوفمبر 1967م الموقعة في جنيف، والتي نصت مادتها الأولى على استقلال "الجنوب العربي" في 30 نوفمبر 1967م، وفي مادتها الثانية تضمنت إرادة رسمية من الجبهة القومية بتسمية الدولة بـ"جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية". ثم لاحقاً غيروا الاسم إلى "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية"، وأعلنت «إلغاء» الآخرين، ثم جاء الحزب الاشتراكي اليمني كامتداد للجبهة القومية، وأدخل البلاد في تجربة دموية ماركسية ثم أدخلها في تجربة إعلان وحدة متهورة، بلا أسس مدروسة تصونها وتحافظ عليها، مع الجمهورية العربية اليمنية عام1990م.
ظلت قيادة الرابطة الرئيسية في المنفى طوال مرحلة حكم الجبهة القومية والحزب الاشتراكي (مايقرب من 23 سنة) وتعرض أعضاء الرابطة وأنصارها في الداخل للاضطهاد والسجن والقتل طيلة تلك الفترة. وقد حاولت الرابطة تغيير دفة الأمور في الجنوب العربي بكل الوسائل، ولكن الجنوب العربي وقع ضحية لــ«جهل» حكامه الجدد، وضحية للصراعات الإقليمية والدولية، وضاع صوت العقل والحكمة.
- عندما انتهت المزايدات حول الوحدة اليمنية وأعلنت الخطوات العملية لتحقيق الوحدة، كانت قيادة الرابطة المبادرة بالتأييد عند إعلان اتفاق عدن في نوفمبر 1989م وانتقلت بالفعل إلى داخل العاصمة صنعاء أوائل 1990م، وتم تعديل اسم "حزب رابطة أبناء الجنوب العربي" ليصبح «حزب رابطة أبناء اليمن (رأي)» ليشمل نشاطه القانوني الساحة اليمنية كلها، من جهة؛ ومن جهة أخرى لحظر قانون الأحزاب التسميات السابقة لأن اتفاق إعلان الوحدة اليمنية نص على انصهار الشخصيتين الاعتباريتين للدولتين في شخصية اعتبارية واحدة هي الجمهورية اليمنية.
كان حزب الرابطة أحد أحزاب المعارضة الرئيسية في الساحة اليمنية منذ إعلان الوحدة «التقاسمية» بين الحزبين الحاكمين.. وكانت الآمال الكبيرة في تعزيز الوحدة وتطوير التجربة الديمقراطية وتهيئة الأجواء لانطلاق عملية التنمية الاقتصادية في طول البلاد وعرضها، ولكن هذه الآمال الكبيرة أجهضت بالصراعات بين حزبي «القسمة» وبلغت ذروتها بوقوع الحرب صيف 1994 م، وإعلان جمهورية اليمن الديمقراطية كنتيجة للحرب. وكان الأمل إعادة الوحدة على أسس صحيحة وهذا ما دعا له طوال أيام الحرب.
كنتيجة لحرب صيف 1994م اضطر الكثير من قيادات حزب الرابطة «رأي» للنزوح إلى خارج الوطن، وحدث «زلزال» في جسم الرابطة، كما هو في جسم الوطن ككل، لكن الحزب تمكن من اجتياز هذه المحنة، وتمت إعادة تسجيله وتماسكه وتفعيله كأحد أهم الأحزاب المعارضة الشرعية السلمية في اليمن.
مارس الحزب عمله السياسي عقب محنة 1994م داخل الوطن اليمني وفي المنافي الإجبارية منطلقاً من مبدأين أساسيين هما: العمل تحت راية الوحدة اليمنية مواصلاً نضاله لإرساء أسس وضمانات استمرارها، والعمل السياسي بالوسائل الحضارية السلمية دون اللجوء لأي شكل من أشكال العنف المادي أو المعنوي، العنف في الممارسة أو في القول.. وشكل مع فصائل وطنية أخرى وشخصيات معارضة الجبهة الوطنية للمعارضة (موج) التي زاولت معارضتها السلمية من خارج الوطن وداخله، حتى أعلن تجميد نشاطها منتصف عام 2000 م.
واصل حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) خلال الفترة المنصرمة جهوده لجمع صفوف المعارضة اليمنية، فأطلق أكثر من دعوة، ودعا لأكثر من لقاء، ووضع وثيقة أساسية (رؤية لتضافر جهود المعارضة اليمنية).. كما واصل جهوده من أجل حكم محلي كامل الصلاحيات باعتباره أحد أهم مرتكزات الإصلاحات الشاملة في اليمن حيث قدم مشروعاً متكاملاً (مشروع قانون الحكم المحلي) من إعداد نخبة من الأكاديميين والأخصائيين من الحزب وخارجه، نضم له ورشة عمل شارك فيها قيادات الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني ومفكرون وأكاديميون وتمخض عنها تشكيل لجنة وطنية لصياغة (مشروع وطني شامل)، واستضاف الحزب هذه اللجنة في مقره لأكثر من ستة أشهر أنجزت في ختامها المشروع.. كما قدم الحزب رؤية غنية ومتكاملة للنظم الانتخابية الأكثر انتشارا في العالم مركزاً على خيار الحزب (الانتخاب بالقائمة النسبية)، وقدمت هذه الدراسة الموسعة إلى ورشة عمل عقدت في صنعاء وشارك فيها قيادات الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني ومفكرون وأكاديميون، وناشطون من مختلف ألوان الطيف السياسي.
في 7 نوفمبر 2005 م قدم حزب الرابطة واحدة من أهم الوثائق الفكرية المتمثل في (مشروع حزب الرابطة للإصلاحات الشاملة في اليمن) وهو دراسة شاملة لكل قضايا الإصلاح تضمنت تحليلاً للأوضاع القائمة والاختلالات الموجبة للإصلاحات وأهميتها في حاضر ومستقبل اليمن والمنطقة والعالم، كما تضمنت تأصيلاً للعديد من القضايا الجوهرية الهامة، وكذا أسس وهياكل المخرجات المتوخاة من عملية الإصلاحات الشاملة، واختتمت بشرح مستفيض لعدد من الآليات والخيارات الهامة لتنفيذ الإصلاحات.. وقدمت هذه الوثيقة إلى القوى الوطنية لدراستها وإثرائها، وما زالت تمثل إحدى أهم الوثائق الوطنية في التاريخ المعاصر.
في سبتمبر 2006م وفي خضم المعترك السياسي الأهم (الانتخابات الرئاسية) عادت قيادة الحزب إلى أرض الوطن منهية حالة الشتات التي عانتها، لتبدأ مرحلة محورية من إعادة بناء الحزب، وتطوير هيكليته لتواكب التطورات الراهنة.
■ استمر حزب الرابطة بتقديم المبادرات الإصلاحية.
■ في المقابل استمرأ نظام صنعاء والقوى اليمنية اقتسام السلطة والنفوذ بينهم، والنظرة الاستتباعية لشعب الجنوب العربي كفرع من أصل وجزء من كل؛ واستهتروا بالقضية الجنوبية، رغم تحذير حزب الرابطة من تطاول جدران الكراهية بين الشعبين.
■ استنفد حزب الرابطة كل جهد إصلاحي؛ وأيقن أن لا جدوى البتة من الاستمرار في الوحدة اليمنية مع نظام صنعاء.
■ ترافق مع هذا الواقع تصاعد القضية الجنوبية، التي بدأت بمطالب حقوقية، واخترقت سقف الوحدة اليمنية؛ وأصر غالبية الجنوبيين على الانفصال في دولة مستقلة على حدود ما قبل 22 مايو 1990م.
■ دعا الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي إلى اجتماع بتاريخ:18/12/2012م في مقر الأمانة العامة بالرياض، ضم حوالي 60 شخصية جنوبية من جميع الأطراف السياسية بما فيهم قيادة حزب الرابطة، قدموا مذكرة يطالبون مجلس التعاون بدعم حل القضية الجنوبية بما يؤدي إلى قيام دولة مستقلة على أساس فيدرالي تراعى فيه خصوصيات كل المحافظات الجنوبية الست وفقاً للمعايير الدولية.
■ استمر حزب الرابطة بتبنّي القضية الجنوبية بتوصيفها أنها قضية وطن وهوية، وليست قضية سياسية تحتمل التسويات.
■ ثم أعلن الحزب بياناً رسمياً بالعودة لإسمه الأول (حزب رابطة الجنوب العربي الحر"الرابطة") بتاريخ:1/2/2014م. ثم عند قيام المجلس الانتقالي الجنوبي في 11/5/2017م بادر حزب الرابطة بدعمه، ومشاركة الرابطيين ممثلين عن محافظاتهم في عضويته.